الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن قال : لله علي أن أحج عامي هذا فحال بينه وبينه عذر أو سلطان فلا قضاء عليه ، وإن حدث به مرض أو خطأ عدد أو نسيان أو توان قضاه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : الحج المنذور ضربان : مطلق ، ومعين .

                                                                                                                                            فأما المطلق : فهو أن يقول : " إن شفى الله مريضي فلله علي أن أحج " ولا يعين [ ص: 495 ] عام حجه فإذا شفى الله مريضه وجب عليه الحج ، لوجود شرط النذر ، ولا يعتبر في وجوبه وجود الزاد ، والراحلة .

                                                                                                                                            وفي اعتبار وجودهما في أدائه وجهان حكاهما ابن أبي هريرة :

                                                                                                                                            أحدهما : يعتبر وجودهما في الأداء ؛ لأنهما من شرائط الإمكان .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يعتبر وجودهما في الأداء ؛ لأنه قد كان قادرا على الاستثناء به في نذره ، وهو قول من لا يطرح الغلبة في الأيمان فلم يطرحها في النذور ، وفي وجوب تعجيله على الفور وجهان مضيا .

                                                                                                                                            وأما المعين ، وهو أن يقول : إن قدم غائبي ، فلله علي أن أحج في عامي هذا ، فلا يخلو قدوم غائبه أن يكون قبل وقت الحج في عامه أو بعده ، فإن قدم بعد عامه سقط ، ولم يجب عليه الحج لانقضاء وقته ، وإن قدم قبل حج عامه ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الوقت متسعا لحجه ، فقد لزمه النذر ، وتعين عليه في عامه الحج لإمكان أدائه فيه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يضيق الوقت عن إمكان الحج في عامه لقصور زمانه ، ففي لزوم نذره ووجوب الحج عليه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يلزمه النذر .

                                                                                                                                            والثاني : يلزمه النذر ، ووجب عليه الحج ، ويقضيه بعد عامه ، لأنه قد كان قادرا على استثنائه في نذره ، وهو قول من لا يطرح الغلبة ، كما ذكرناه من الوجهين في وجود الزاد والراحلة ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية