الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا نذر صلاة ركعتين في موضع بعينه فهو على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما لا يتعين عليه فعل الصلاة ، ويكون مخيرا بين الصلاة فيه ، وفي غيره ، وهو إذا نذر أن يصلي في مسجد البصرة ، جاز أن يصلي في مسجد الكوفة .

                                                                                                                                            ولو نذر أن يصلي في مسجد الكوفة ، جاز أن يصلي في مسجد البصرة ، لأن الصلاة في كل واحد منهما كالصلاة في الآخر وهذا متفق عليه .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ما يجب عليه أن يصلي بنذره فيه ، ولا يجزئه في غيره ، وهو المسجد الحرام المختص بوجوب الفضل في الشرع .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا تلزمه الصلاة فيه ، ويجوز أن يصليها في غيره كما لو نذر أن يصلي في جامع البصرة أو الكوفة ، لأنه ليس يلزم في الشرع الصلاة في موضع بعينه فلم يلزم في النذر .

                                                                                                                                            ودليلنا قول الله تعالى : وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم [ النحل : 91 ] . فكان إذا على عمومه .

                                                                                                                                            وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من نذر نذرا يطيقه فليف به ، ومن نذر نذرا سماه فعليه الوفاء به وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي وصلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه فجعل الصلاة في المسجد الحرام كمائة ألف صلاة في غيره ، فصار الناذر للصلاة فيه ، كالناذر لمائة ألف صلاة ، فلم يجزه عنها صلاة واحدة ، وبهذا المعنى فارق نذر الصلاة في غيره ، لأنه لا فضل لغيره من المواضع على غيره .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ما اختلف قوله في وجوب الصلاة فيه ، وهو إذا نذر أن يصلي في المسجد الأقصى أو في مسجد المدينة ، ففي وجوب الصلاة فيه قولان ، بناء على اختلاف قولي الشافعي في وجوب النذر بالمشي إليهما :

                                                                                                                                            [ ص: 503 ] أحدهما : أنه واجب كالحرم ، فعلى هذا يلزمه الصلاة فيهما كما تلزمه الصلاة في الحرم .

                                                                                                                                            والقول الثاني : لا يجب ، كما لا يجب نذر المشي إلى غيرهما من بلاد الحل ، فعلى هذا لا يلزمه الصلاة فيهما ويجوز أن يصلي في غيرهما من البلاد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية