الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن يكون الموجي هو الثاني دون الأول ، فهذا على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون الأول لم يثبته بإصابته ، فيكون الصيد ملكا للثاني الموجي ، وتكون التوجية ذكاة سواء كانت في محل الذكاة أو كانت في غيرها .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الأول قد أثبته بإصابته ، فيكون ملكا للأولى ، وينظر في توجية الثاني : فإن كانت في عد محل الذكاة من الحلق واللبة كان مأكولا ، وضمن بالتوجية ما بين قيمته مجروحا ومذبوحا ، وإن كانت التوجية في غير محل الذكاة بأن قطع نصفين ، فهو غير مأكول : لأنه قد صار بإثبات الأول مقدورا عليه لا يحل إلا بذكاته في الحلق واللبة ، ويضمن الموجي جميع قيمته مجروحا .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يشك فيه هل أثبت الأول بإصابته أم لا ، فيكون الشك مسقطا لحكم الإثبات في حق الأولى : لأنه على أصل الامتناع ، ويكون ملكا للثاني ، وينظر في توجيته .

                                                                                                                                            فإن كانت في محل الذكاة أكل ، وإن كانت في غير محلها ففي إباحة أكله وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : مباح : لأن إثبات الأول قد يسقط بالشك .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : محظور : لتردده بين جواز في محتملين مع ما يقضيه حكم الأصل من الحظر ، وإنما يسقط بالشك ملك الأول : لأن الأصل أنه غير مالك ولم يسقط بالشك حكم الحظر : لأن الأصل فيه الحظر ، ولو ادعى الجارح الأول أنه قد أثبته ، [ ص: 32 ] وأنكر الموجي فالقول قول الموجي مع يمينه ، والتوجية كالتذكية .

                                                                                                                                            فإن قيل : ألستم قلتم : إنهما اتفقا على إصابته أنه بين الجارح والموجي في أحد الوجهين ، فهلا جعلتموه في تقدم أحدهما على الآخر على وجهين .

                                                                                                                                            قيل : الفرق بينهما في أحد الوجهين من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن أيديهما في الاتفاق متساويان ، وفي الاختلاف مفترقان .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لم يمض مع الاتفاق زمان الإثبات ، فيراعى ، وقد مضى مع اختلاف في زمان الإثبات ، فصار مراعى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية