الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والشرط الثالث : أن يكون عدد الإصابة من الرشق معلوما ليعرف به الناضل من المنضول ، وأكثر ما يجوز أن يشترط فيه الإصابة ، فأنقص من عدد الرشق المشروط بشيء وإن قل ليكون متلافيا للخطأ الذي يتعذر أن يسلم منه المتناضلان ، فقد قيل : إن أحذق الرماة في العرف من أصاب من العشرة ثمانية ، فإن شرط إصابة الكل من الكل بطل ، لتعذره في الأغلب ، وإن شرط إصابة ثمانية من العشرة جاز ، فإن شرط إصابة تسعة من العشرة ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز لبقاء سهم الخطأ .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجوز لأن إصابته نادرة .

                                                                                                                                            فأما أقل ما يشترط في الإصابة فهو ما يحصل فيه القصد ، وهو ما زاد على الواحد ، وقد نص الشافعي في كتاب الأم على مسألة ، فقال : ( فلو تناضلا على أن الرشق عشرة ، والإصابة من تسعة ، لم يجز ) واختلف أصحابنا في تأويلها على وجهين :

                                                                                                                                            [ ص: 202 ] أحدهما : تأويلها أن يشترط إصابة تسعة من عشرة فيبطل على ما ذكرناه من أحد الوجهين .

                                                                                                                                            والثاني : تأويلها أن يشترط أن يكون الرشق عشرة ، والإصابة محتسبة في تسعة دون العاشر فيبطل وجها واحدا لاستحقاق الإصابة في جميع الرشق به ، فإن أغفلا عدد الإصابة وعقداه على أن يكون الناضل منهما أكثرهما إصابة ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : من التعليلين في اشتراط فعله في سباق الخيل إذا عقداه إلى غير غاية ليكون السابق من تقدم في أي غاية كانت ، وهو باطل في الخيل لعلتين :

                                                                                                                                            إحداهما : أن من الخيل ما يقوى جريه في ابتدائه ، وتضعف في انتهائه ، ومنها ما هو بضده ، فعلى هذا يكون النضال على كثرة الإصابة باطلا : لأن من الرماة من تكثر إصابته في الابتداء وتقل في الانتهاء ، ومنهم من هو بضده .

                                                                                                                                            والتعليل الثاني : أن إجراء الخيل إلى غير غاية مفض إلى انقطاعها ، فعلى هذا يجوز النضال على كثرة الإصابة ؛ لأنه غير مفض إلى انقطاع الرماة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية