الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وأقر كافر انتقل لكفر آخر ) أي فلا تتعرض له ولو قلنا : إن الكفر ملل وحديث { من بدل دينه فاقتلوه } محمول على دين الإسلام إذ هو الدين المعتبر شرعا ( وحكم بإسلام من لم يميز لصغر أو جنون ) ولو بالغا إذا كان جنونه قبل البلوغ ( بإسلام أبيه ) دنية ( فقط ) لا بإسلام جده أو أمه ( كأن ميز ) فيحكم بإسلامه تبعا لإسلام أبيه أي عقل دين الإسلام أي عقل أنه دين يتدين به وفائدة الحكم بإسلام من ذكر أنه إن بلغ وامتنع من الإسلام جبر عليه بالقتل كمرتد بعد البلوغ ( إلا ) المميز ( المراهق ) حين إسلام أبيه ( و ) إلا غير المراهق ( المتروك لها ) أي للمراهقة بأن غفل عنه قبل المراهقة فلم يحكم بإسلامه لإسلام أبيه حتى راهق أي قارب البلوغ كابن ثلاثة عشر سنة فلا يحكم حينئذ بإسلامه وإذا لم يحكم به ( فلا يجبر ) على الإسلام ( بقتل إن امتنع ) منه بل بالتهديد والضرب فعلم أن محل الحكم بإسلام المميز أو غيره إذا لم يترك حين راهق مميزا ولم يكن المميز مراهقا حين إسلام أبيه وإلا لم يجبر على الإسلام بالقتل ( و ) إن مات أبو المراهق أو المتروك لها الذي أسلم ( وقف إرثه ) ، فإن أسلم بعد بلوغه أخذه وإلا لم يرثه وكان لبيت المال ، وإن أسلم قبل البلوغ لم يدفع له ; لأنه لو رجع عنه قبل بلوغه لم يجبر عليه بالقتل .

[ ص: 308 ]

التالي السابق


[ ص: 308 ] قوله : وأقر كافر ) أي بكفر خاص كاليهودية مثلا وقوله : انتقل أي علانية أو سرا وقوله : لكفر آخر أي كالنصرانية أو المجوسية أو لمذهب المعطلة أو الدهرية ولا مفهوم لكفر آخر بل لو انتقل للإسلام فإنه يقر بالأولى ، فالمصنف نص على المتوهم ومفهوم كافر أن المسلم لا يقر إذا انتقل للكفر ( قوله : وحكم بإسلام من لم يميز إلخ ) أي حيث لم يغفل عنه حتى راهق وكذا يقال في قوله كأن ميز كما يأتي بعد وحاصله أن الكافر إذا أسلم وله ولد غير مميز أو مميز ولم يراهق فإنه يحكم بإسلامه تبعا لإسلام أبيه ، فإن كان مراهقا حين إسلام أبيه أو غير مراهق وغفل عن الحكم بإسلامه تبعا لإسلام أبيه حتى راهق فإنه لا يجبر بالقتل على الإسلام إن امتنع منه بل يجبر بغيره كالتهديد والضرب ( قوله : إذا كان جنونه قبل البلوغ ) أي وأما إذا كان جنونه بعد البلوغ فلا يحكم بإسلامه تبعا لإسلام أبيه إذا كان إسلام ذلك الأب طارئا .

( قوله : بإسلام أبيه ) الباء للسببية وأما الباء الأولى فهي للتعدية وكلاهما متعلق بحكم فلم يتعلق حرفا جر متحدا اللفظ والمعنى بعامل واحد .

( قوله : كأن ميز ) أي من أسلم أبوه وذكر المصنف هذا مع أنه مفهوم ما قبله لأنه مفهوم غير شرط وليرتب عليه ما بعده .

( قوله : أي عقل أنه دين إلخ ) أي وإن لم يميز الثواب والعقاب والقربة والمعصية فلا يشترط ذلك . ( قوله : المراهق ) أي المقارب للبلوغ ( قوله : فلا يحكم حينئذ بإسلامه ) أي لأجل إسلام أبيه كالمراهق حين إسلام أبيه .

( قوله : وإذا لم يحكم به ) أي بإسلام كل منهما وأشار الشارح بذلك إلى أن قول المصنف فلا يجبر إلخ جواب شرط مقدر ( قوله : أن محل الحكم بإسلام المميز أو غيره ) أي المشار له بقول المصنف وحكم بإسلام من لم يميز لصغر أو جنون بإسلام أبيه كأن ميز .

( قوله : وإن مات إلخ ) حاصله أن الكافر إذا أسلم وكان له ولد مراهق أو غير مراهق وغفل عن الحكم بإسلامه تبعا لإسلام أبيه حتى راهق ثم مات ذلك الأب الذي أسلم فإن إرث من ذكر من المراهق ومن ترك للمراهقة من أبيه يوقف لبلوغه ، فإن أسلم بعده أخذه وإلا لم يأخذه وكان لبيت المال ، فإن أسلم قبل البلوغ لم يدفع له حتى يبلغ ويستمر على الإسلام فقد ألغوا إسلامه قبل البلوغ هنا ولم يعتبروه .

( قوله : أو المتروك لها ) أي للمراهقة وقوله : الذي أسلم نعت لأبي المراهق . ( قوله : وقف إرثه ) أي إرث من ذكر من المراهق والمتروك لها لبلوغه ولو قال الآن لا أسلم إذا بلغت




الخدمات العلمية