الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن ) ( كان ) رجوعهما عن شهادتهما على سيد ( بعتق ) لرقيق والسيد منكر وحكم عليه به ( غرما قيمته ) يوم الحكم بعتقه ولا يرد العتق برجوعهما ( وولاؤه له ) أي للسيد المنكر لاعترافهما له بذلك وتغريمهما قيمته لأنهما فوتاه عليه [ ص: 214 ] برجوعهما وهو منكر وهذا في العتق الناجز ( وهل إن كان ) رجوعهما عن الشهادة بالعتق ( لأجل ) وحكم به ( يغرمان ) للسيد ( القيمة ) أي قيمة العبد ( والمنفعة ) أي منفعة العبد ( إليه ) أي إلى الأجل ( لهما ) أي للراجعين يستوفيان منها القيمة التي غرماها فإن استوفياها قبل الأجل رجع الباقي من المنفعة للسيد وإن حل الأجل قبل استيفائها ضاع الباقي عليهما وهذا قول سحنون وهو الراجح ( أو ) لا يغرمانها الآن بتمامها بل تقوم المنفعة على غررها بعشرة مثلا ويقوم العبد بعشرين مثلا و ( تسقط منها ) أي من قيمة العبد ( المنفعة ) أي قيمتها وهي عشرة يبقى من قيمة العبد عشرة يغرمانها للسيد حالا وتبقى تلك المنفعة للسيد على حسب ما كان قبل رجوعهما وهذا قول ابن عبد الحكم ( أو يخير ) السيد ( فيها ) أي في المنفعة أي بين أن يسلمها للشاهدين الراجعين ويأخذ منهما قيمة العبد بتمامها الآن كما هو القول الأول بعينه وبين أن يأخذ قيمته الآن منهما ويتمسك بالمنافع إلى الأجل ويدفع لهما قيمتها على التقضي شيئا فشيئا أي كلما انقضى وقت دفع لهما ما يقابله على حسب ما يراه هو لا هما وهذا قول ابن الماجشون ( أقوال ) ثلاثة

التالي السابق


( قوله برجوعهما ) أي بسبب رجوعهما عن الشهادة به ( قوله للسيد المنكر ) أي فإذا مات العبد ولا وارث له أخذ سيده ماله وانظر لو كان له وارث هل يرجع السيد على الشهود الراجعين عن الشهادة بالعتق بما أخذه الوارث لأنه لولا شهادتهما لأخذ ماله بالرق أولا لأنهما غرما له وهو الظاهر ا هـ عبق ( قوله لاعترافهما له بذلك ) أي حيث شهدا أنه أعتقه ( قوله لأنهما فوتاه إلخ ) فلو كان المرجوع عن الشهادة بعتقها أمة لم يجز لها إباحة فرجها بالتزويج إن علمت بكذب الشاهدين كما في تت والظاهر [ ص: 214 ] أن للسيد وطأها فيما بينه وبين الله عند علمه بأنه لم يعتق وأنهما شهدا عليه بزور وأما في الظاهر فإنه يمنع ولا يمنع من إباحة وطئها فيما بينه وبين الله أخذه القيمة عند رجوعهما لأنه أمر جر إليه الحكم قاله عبق ويؤخذ من هذا أنهما لو شهدا بطلاق امرأة وحكم القاضي بلزومه ثم رجعا عن الشهادة فإن الحكم لا ينقض ولا يجوز لها إباحة فرجها بالتزويج لغير مطلقها إذا علمت بكذب الشهود وللزوج وطؤها فيما بينه وبين الله إن علم أيضا بكذبهم كذا قرر شيخنا .

( قوله برجوعهما ) متعلق بتغريمهما أي وتغريمها قيمته بسبب رجوعهما عن الشهادة لأنهما فوتاه عليه بشهادتهما ( قوله قيمة العبد ) أي المحكوم بعتقه لأجل شهادتهما وقوله يغرمان القيمة أي بتمامها ( قوله ضاع الباقي ) أي باقي القيمة التي غرماها عليهما ومحل ضياعه عليهما ما لم يمت العبد ويترك مالا أو يقتل ويؤخذ قيمته وإلا أخذ ما بقي لهما من ذلك وكذا إذا قتله السيد كان لهما الرجوع عليه ببقية ما لهما ( قوله أو لا يغرمانها ) أي قيمة العبد .

( قوله بل تقوم المنفعة ) أي منفعة العبد للأجل ( قوله على غررها ) أي من تجويز موت العبد قبل الأجل وحياته إليه وعلى تقدير حياته إليه يحتمل أنه يمرض وأن لا يمرض ( قوله وتبقى تلك المنفعة للسيد ) أي من جملة قيمة العبد الكائنة عليهما التي غرما الآن للسيد بعضها وهو ما زاد على قيمة المنفعة .

( قوله على حسب ما كان قبل رجوعهما ) أي عن الشهادة فإن مات العبد قبل أن يستوفي السيد من المنفعة تمام القيمة لم يرجع السيد عليهما بشيء لأنه قد أخذ قيمة المنفعة من جملة قيمة العبد على غررها وتجويز موت العبد قبل الأجل وحياته إليه ( قوله على حسب ما يراه هو ) أي من كون ذلك الوقت جمعة أو شهرا أو يوما .

( قوله أقوال ثلاثة ) جعل الشارح الأقوال في هذه المسألة ثلاثة وهي في الحقيقة أربعة الأول لعبد الملك بن الماجشون يغرمان القيمة والمنفعة للأجل لهما لكن يبقى العبد تحت يد السيد ويعطيهما أجرة المنفعة من تحت يده والثاني لسحنون كالأول إلا أنه يسلم إليهما حتى يستوفيا ما غرماه من منفعته ثم يرجع سيده وهذان القولان يحتملهما قول المصنف والمنفعة إليه لهما والثالث يغرمان القيمة بعد أن يسقط منها قيمة المنفعة على الرجاء والخوف وهذا قول عبد الله بن عبد الحكم كما قال ابن عرفة وابن عبد السلام لا قول محمد بن عبد الحكم كما في التوضيح ولا قول عبد الملك كما قال ابن الحاجب والرابع لابن المواز أنه يخير السيد بين الوجهين الأولين أي أنه يخير بين أن يأخذ منها القيمة حالا ويسقط حقه من المنفعة فيسلمها لهما للأجل أو يأخذ منهما القيمة الآن ويتماسك بالمنافع للأجل ويدفع لهما قيمتها شيئا فشيئا انظر بن




الخدمات العلمية