الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما كان لزوال ما فيه الدية علامة يعرف بها زوال الكل ، أو البعض شرع في بيان ذلك بقوله ( وجرب العقل ) المشكوك في زواله ( بالخلوات ) ولا بد من تكرر الخلوات ويتجسس عليه فيها هل يفعل أفعال العقلاء ، أو غيرهم ويحتمل أنا نجلس معه فيها ونحادثه ونسايره في الكلام حتى نعلم خطابه وجوابه فإن علم أهل المعرفة ما نقص منه بالجناية عمل بذلك ، وإن شكوا أنقص الربع ، أو الثلث حمل في العمد على الثاني ; لأن الظالم أحق بالحمل عليه وفي الخطإ على الأول ; لأن الأصل براءة الذمة فلا نكلف بمشكوك فيه وظاهر أن المدعي هنا هو ولي المجني عليه ، أو من يقوم مقامه .

( و ) جرب ( السمع ) أي اختبر نقصانه حيث ادعى المجني عليه النقص من إحدى أذنيه بدليل ما يأتي ( بأن يصاح ) مع سكون الريح ( من أماكن مختلفة ) يعني من الجهات الأربع ووجه الصائح لوجهه في كل جهة ( مع سد ) الأذن ( الصحيحة ) سدا محكما ويكون النداء من مكان بعيد ، ثم يقرب منه شيئا فشيئا حتى يسمع ويجوز العكس أي يصاح عليه من مكان قريب ، ثم يتباعد الصائح شيئا فشيئا حتى يسمع ويجوز العكس أي يصاح عليه من مكان قريب ، ثم يتباعد الصائح شيئا فشيئا حتى لا يسمع ، ثم تفتح الصحيحة وتسد الأخرى [ ص: 275 ] ويصاح به كذلك ، ثم ينظر أهل المعرفة ما نقص من سمع المجني عليها ( ونسب لسمعه الآخر ) الكائن في الصحيحة ويؤخذ من الدية النسبة ( وإلا ) تكن الجناية في إحدى الأذنين بل فيهما معا ولكن فيهما بقية ، أو في إحداهما ، أو كانت على الجناية على إحداهما ، والثانية ليست صحيحة قبل ذلك ( فسمع وسط ) يعتبر ويقضى له بالدية بالنسبة إليه أي يعتبر سمع وسط لا في غاية الحدة ولا الثقل من رجل مثل المجني عليه في السن ، والمزاج فيوقف في مكان ويصاح عليه كما تقدم حتى يعلم انتهاء سماعه ، ثم يوقف المجني عليه في مكانه فيصاح عليه كذلك وينظر ما نقص من سمعه عن سمع الرجل المذكور ويؤخذ من الدية بتلك النسبة ، وهذا إذا لم يعلم سمعه قبل الجناية ، وإلا عمل على ما علم من قوة ، أو ضعف بلا اعتبار سمع وسط فقوله .

( وله نسبته ) راجع للمسألتين أي له من الدية بنسبة سمعه الصحيح إن كانت أذنه الأخرى صحيحة ، أو بنسبة سمع وسط إن لم تكن الأخرى صحيحة ، لكن بشرطين الأول ( إن حلف ) على ما ادعى من أن هذا غاية ما انتهى سمعه إليه ، والثاني أشار له بقوله ( ولم يختلف قوله ) في ذلك اختلافا بينا ( وإلا ) يحلف ، أو اختلف قوله اختلافا بينا بأن يكون من جهة قدر ميل ومن الأخرى نصف ميل ( فهدر ) أي لا شيء له لظهور كذبه ( و ) جرب ( البصر بإغلاق ) العين ( الصحيحة كذلك ) أي كما مر في تجربة السمع من أماكن مختلفة ، ثم تغلق المصابة وينظر انتهاء ما أبصرت الصحيحة وتعرف النسبة فإن جنى عليهما وفيهما بقية اعتبر بصر وسط وله من الدية بنسبة ذلك ( و ) جرب ( الشم ) المدعي زواله ( برائحة حادة ) أي منفرة للطبع كرائحة جيفة وأمر بالمكث عندها مقدار كذا من الزمن ليعلم حاله ; إذ المتصف بالشم لا يكاد يصبر المدة الطويلة عندها فإن ادعى زوال بعضه صدق بيمينه ونسب لشم وسط كما قال ابن غازي .

( و ) جرب ( النطق بالكلام ) من المجني عليه ( اجتهادا ) أي بالاجتهاد من أهل المعرفة أي يرجع إلى ما يقوله أهل المعرفة باجتهادهم فيما نقص منه من ثلث ، أو ربع ، أو غير ذلك فإن شكوا ، أو اختلفوا فيما نقص عمل بالأحوط [ ص: 276 ] والظالم أحق بالحمل عليه ( و ) جرب ( الذوق بالمقر ) بفتح الميم وكسر القاف أي بالشيء المر الذي لا صبر عليه عادة .

( وصدق ) بالغ ( مدع ذهاب الجميع ) مما مر ( بيمين ) فمن ادعى ذهاب جميع سمعه ، أو جميع بصره ، أو جميع شمه ولم يمكن اختباره بما مر فإنه يصدق بيمينه ( والضعيف من عين ورجل ونحوهما ) كيد ( خلقة ) ، أو لكبر ، أو بسماوي ( كغيره ) من القوي في القصاص ، والدية كاملة وفيه تكرار مع قوله وتؤخذ العين السليمة بالضعيفة خلقة إلخ إلا أن يحمل ما هنا على الخطإ وذلك على العمد كما حمل قوله وذكر وصحيح وضديهما على الجناية في النفس لدفع التكرار .

( وكذا ) العين ، أو الرجل ( المجني عليها ) خطأ قبل ذلك ، فهي كالصحيحة في القود ، والعقل كاملا ( إن لم يأخذ لها ) في الجناية الأولى ( عقلا ) فإن كان أخذ لها عقلا ، ثم حصل لها جناية ثانية فليس له من ديتها إلا بحسب ما بقي منها وأما المجني عليها عمدا فقد تقدم في قوله وتؤخذ العين السليمة بالضعيفة خلقة ومن كبر ، أو لجدري ، أو لكرمية ، فالقود إن تعمده ، وإلا فبحسابه وتقدم أنه يقيد قوله فبحسابه بما هنا أي حيث أخذ عقلا .

وقوله إن لم يأخذ لها عقلا أي لم يجب لها عقل بأن كان عمدا لا عقل له فإن وجب فبحسابه ولو لم يأخذه ; لأنه تبرع به للجاني ( و ) الدية كاملة [ ص: 277 ] ( في ) قطع ( لسان الناطق ) حيث منعه النطق ( وإن لم يمنع النطق قطعه ) من اللسان ( فحكومة كلسان الأخرس ) ففي قطعه الحكومة بالاجتهاد ( واليد الشلاء ) ، أو الرجل أي التي لا نفع فيها أصلا في قطعها الحكومة فإن كان بها نفع دخلت في قوله ، والضعيف من عين ، أو رجل .

( و ) كقطع ( الساعد ) ، وهو ما عدا الأصابع من اليد التي منتهاها المنكب في حكومة بالاجتهاد وسواء ذهب الكف بسماوي ، أو جناية أخذ لها عقلا أم لا ( و ) قطع ( أليتي المرأة ) بفتح الهمزة خطأ فيه حكومة قياسا على أليتي الرجل وقال أشهب فيهما الدية وفي العمد القصاص ( وسن مضطربة جدا ) بحيث لا يرجى ثبوتها فإن كانت مضطربة لا جدا ففيها العقل ( و ) قطع ( عسيب ذكر ) أي قصبته فيها الحكومة ( بعد ) ذهاب ( الحشفة ) ; لأن الدية إنما هي في الحشفة

التالي السابق


( قوله : وجرب العقل ) أي المدعى زواله بجناية مع الشك في ذلك أي جربه أهل المعرفة باستغفاله في خلواته بأن يتجسس عليه فيها وينظر هل يفعل أفعال العقلاء ، أو أفعال غيرهم ( قوله : المشكوك في زواله ) أي بجناية ( قوله : ما نقص منه إلخ ) أي من عقله من كونه نصفه ، أو ربعه ، أو زال كله .

( قوله على الثاني ) أي على الأكثر وقوله على الأول أي ، وهو الأقل ( قوله : أن المدعي هنا ) أي بزوال عقل المجني عليه وقوله ولي المجني عليه أي أبوه ، أو وصيه ، أو من قدمه القاضي للنظر في شأنه وقوله ، أو من يقوم مقامه أي كولي أبيه إذا كان أبوه سفيها ( قوله ) : ( وجرب السمع ) أي المدعى زوال بعضه من إحدى الأذنين مع الشك في ذلك ( قوله : بدليل ما يأتي ) أي ، وهو قوله مع سد الصحيحة .

( قوله مع سكون الريح ) أي فإن كان الريح غير ساكن صيح عليه من الجهة التي فيها الريح ساكن وأخرت الأخرى إلى أن يسكن ( قوله من الجهات الأربع ) أي ، وهي المشرق ، والمغرب ، والجنوب ، والشمال ( قوله : في كل جهة ) أي من تلك [ ص: 275 ] الجهات الأربع ( ويقول ويصاح به كذلك ) أي من مكان بعيد ، ثم يقرب منه شيئا فشيئا حتى يسمع ، أو من مكان قريب ، ثم يتباعد الصائح شيئا فشيئا حتى لا يسمع وقوله ويصاح به كذلك أي ولو من جهة واحدة فيما يظهر قاله عبق .

( قوله ويؤخذ من الدية النسبة ) أي بتلك النسبة فإن كان الناقص نصف سمع الصحيحة أعطى ربع دية كاملة ، وإن كان الناقص ثلث سمع الصحيحة أعطى سدس الدية الكاملة ( قوله : ولكن فيهما ) أي ، لكن بقي فيهما بقية من السمع ، أو بقي في إحداهما بقية منه وأما لو ادعى ذهاب جميعه في الجناية عليهما وأنه لم يبق فيهما بقية فإنه يجرب بالأصوات القوية كالبوق ، والطبل بالقرب منه بغفلة فإن انزعج فلا يصدق ، وإلا صدق .

( قوله ليست صحيحة قبل ذلك ) أي قبل الجناية بل كانت معدومة ، أو ضعيفة ( قوله : ويصاح عليه ) أي من الجهات الأربع ( قوله : وهذا ) أي ما ذكر من أنه يقضى له بالدية بالنسبة لسمع وسط ( قوله ، وإلا عمل على ما علم ) أي فيعطي من الدية بنسبة ما نقص لما علم ، هذا هو المراد ( قوله : لكن بشرطين ) أي ، لكن إعطاءه من الدية بنسبة سمعه الصحيح ، أو بنسبة سمع وسط مشروط بشرطين ( قوله : إن حلف على ما ادعى إلخ ) هذه اليمين يمين تهمة فلا ترد على الجاني إذا نكل المجني عليه ، وإنما كانت يمين تهمة ; لأن الجاني لم يحقق كذب المجني عليه ، وإنما يتهمه .

( قوله : ولم يختلف قوله في ذلك اختلافا بينا ) أي بأن لم يختلف قوله أصلا ، أو اختلف اختلافا متقاربا .

( قوله : وجرب البصر ) أي المدعي ذهاب بعضه من إحدى العينين فإن ادعى ذهاب جميعه من إحداهما ، أو منهما معا اختبر بالأشعة التي لا ثبات للبصر معها ، أو يشار إلى عينه على حين غفلة ا هـ بن ( قوله بإغلاق الصحيحة ) أي وينظر إلى انتهاء ما أبصرت به المصابة من أماكن مختلفة ( قوله وتعرف النسبة ) أي بين ما انتهى إليه بصر المصابة وما انتهى إليه بصر الصحيحة وبتلك النسبة يعطي من الدية ( قوله : المدعي زواله ) أي بتمامه ( قوله لا يكاد يصبر إلخ ) أي فإن صبر كان صادقا في دعواه ، وإلا كان كاذبا .

( قوله : ونسب لشم وسط ) فإذا قال أشم لعشرة أذرع فقد صدق بيمين من غير اختبار بمشموم حاد الرائحة ونسب لشم وسط فإذا كان من مسافة عشرين ذراعا أعطي نصف الدية ، وهكذا ، وإنما لم يمتحن هنا بمثل ما مر في البصر ، والسمع ; لأنه لا يعقل سد الجزء الباقي من الشم حتى يختبر ما ذهب من الشم من أماكن مختلفة ولشدة تفريق الريح للرائحة فليست كالصوت ، والأجرام المبصرة .

( قوله : وجرب النطق ) أي المدعي ذهاب بعضه بالجناية ( قوله : من ثلث إلخ ) أي فإذا كان قبل الجناية يقرأ ربع القرآن مرتلا في ساعة وبعدها صار لا يقدر إلا على قراءة ثمنه مرتلا في الساعة فإنه يقضى له بنصف الدية ، وهكذا .

( قوله : فإن شكوا ) أي في أن الذاهب بالجناية ربع نطقه ، أو ثلثه وقوله ، أو اختلفوا أي بأن جزم بعضهم بأن الذاهب بالجناية ثلث نطقه وجزم بعضهم بأن الذاهب ربعه وقوله عمل بالأحوط أي ، وهو الحمل على الكثير [ ص: 276 ] فيعطي ثلث الدية في المثال المذكور ( قوله ، والظالم أحق إلخ ) علة لما قبله من العمل بالأحوط ، وهو الحمل على الكثير ، وهذا التعليل ظاهر فيما إذا كانت الجناية عمدا وأما إذا كانت خطأ فإنه يحمل على الأقل كالربع في المثال المذكور ; لأن الدية لا تلزم بمشكوك فيه .

( قوله وجرب الذوق ) أي المدعي ذهاب كله بالجناية مع الشك في ذلك فإن ادعى زوال بعضه صدق بيمينه ونسب لذوق وسط مثل ما مر في الشم ( قوله : أي بالشيء المر الذي لا صبر عليه عادة ) أي كالحنظل ، والصبر فإذا أكل الحنظل ونحوه ولم يحصل له من ذلك تأثر صدق في دعواه ، وإلا حمل على الكذب ( قوله : مما مر ) أي من السمع ، والبصر ، والشم ولا يشمل كلام المصنف العقل ; لأن من ذهب عقله لا دعوى له .

فإن قلت يراد بالمدعي ما يشمل المجني عليه ووليه كما في مسألة العقل .

قلت وليه لا يمين عليه ; إذ لا يحلف الشخص ليستحق غيره ( قوله : ولم يكن اختباره بما تقدم ) قد علمت أن ذهاب السمع كله يختبر بالأصوات المزعجة على غفلة كالبوق ، والطبل وذهاب البصر كله يختبر بالأشعة التي لا ثبات للبصر معها وذهاب جميع الشم يختبر بالرائحة الحادة ، وهذا قد تقدم دون الأولين فلم يتقدما لا للمصنف ولا للشارح فتأمل ( قوله : والضعيف ) أي ، والعضو الضعيف الذي لم يذهب جل نفعه حالة كون ضعفه ليس بجناية بل خلقة ( قوله : في القاص ) أي إذا كانت الجناية عليه عمدا وقوله ، والدية كاملة أي إذا كانت الجناية عليه خطأ ، وإنما قيدنا العضو الضعيف بكونه لم يذهب جل نفعه ; لأن الذاهب جل نفعه ليس فيه الدية إلا بحساب ما بقي فيه من المنفعة ( قوله : على الجناية في النفس ) أي وما هنا على الأطراف ( قوله : المجني عليها خطأ ) أي جناية لم تذهب جل منفعتها وقوله قبل ذلك أي قبل الجناية الثانية ( قوله : في القود ) أي إن كانت الجناية الثالثة عمدا وقوله ، والعقل كاملا أي إن كانت الجناية الثانية خطأ وقوله إن لم يأخذ لها عقلا راجع لقوله ، والعقل كاملا ( قوله : فليس له من ديتها إلا بحسب ما بقي منها ) أي كما أنه لو أذهبت الجناية الأولى جل منفعتها ليس له من الدية إلا بحسب ما بقي منها ( قوله : وأما المجني عليها ) أي أولا عمدا ( قوله : أو لكرمية ) صادق بكون الرمية عمدا ، أو خطأ وقوله ، وإلا فبحسابه أي ، وإلا يتعمده فبحسابه ( قوله : أي حيث أخذ ) أي أولا عقلا أي فإن لم يأخذه ، فالدية كاملة .

( قوله : أي لم يجب لها عقل بأن كان عمدا إلخ ) فيه أن هذا يقتضي أن الجناية الأولى عمد ، وهو مخالف لما ذكره في أول الحل ، فالأولى أن يقول وقوله إن لم يأخذ لها عقلا أي إن لم يتمكن من أخذ عقلها فإن أخذ لها عقلا بالفعل ، أو عفا عنه فله بحساب ما بقي .

وحاصل كلام المصنف هنا وفيما مر مع زيادة أربع صور الأولى ما إذا كانت الجناية الثانية عمدا وحاصل القول فيها أنه يقتص من الجاني مطلقا سواء كانت الأولى عمدا ، أو خطأ أخذ لها عقلا ، أو لا ما لم تكن الأولى أذهبت جل المنفعة ، وإلا فلا قود كما قال ابن رشد وله من الدية بحساب ما بقي الثانية أن تكون الثانية خطأ ، والأولى كذلك وأخذ لها عقلا فله في الجناية الثانية بحساب ما بقي ، وهذه مفهوم الشرط هنا الثالثة أن يكون كل خطأ ولم يأخذ عقلا للأولى فإن كان لتعذر الأخذ من الجاني استحق بالجناية الثانية كل الدية ، وهذه داخلة في منطوق المصنف إلا أن تذهب الأولى جل المنفعة فله بالجناية الثانية بحساب ما بقي ، وإن كان عدم أخذه عقلا للأولى لعفوه عن الجاني فله بحساب ما بقي ; لأنه تبرع به للجاني فكأنه أخذه الرابعة أن تكون الجناية الثانية خطأ ، والأولى عمدا فإن كانت الجناية الأولى أذهبت جل المنفعة فله بالجناية الثانية بحساب ما بقي ، وإن كانت الجناية الأولى لم تذهب جل المنفعة فإن لم يصالح عنها بشيء فله في الثانية العقل كاملا ، وإن صولح عنها بشيء فله بالجناية الثانية بحساب ما بقي .

( قوله : والدية كاملة ) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف وفي لسان إلخ عطف على قوله سابقا في العقل أي [ ص: 277 ] والدية في العقل ، والسمع إلخ وفي لسان الناطق ( قوله : في قطع لسان الناطق ) أي كله ، أو بعضه ( قوله ، وإن لم يمنع النطق ما قطعه ) أي وأما إن منع ما قطعه بعض النطق فله من الدية الكاملة بحسابه وكلام المصنف فيما إذا كان القطع خطأ وأما إن كان عمدا ففي المدونة أن اللسان إذا كان يخشى فيه التلف فلا قصاص فيه ، وإلا كان فيه القصاص ا هـ . وظاهرها أنه لا فرق في ذلك بين أن يمنع النطق ، أو لا انظر بن وقولها فلا قصاص فيه أي ، وإنما فيه حكومة ( قوله : كلسان الأخرس ففي قطعه الحكومة ) أي إذا لم يذهب بذلك صوت الأخرس ، وإلا ، فالدية أي وأما لسان الصغير قبل نطقه ، فهل كذلك فيه حكومة ; لأن الدية لا تلزم بمشكوك فيه ، أو فيه الدية كاملة ويكون من مشمولات قول المصنف ، والدية في لسان الناطق بناء على أن المراد الناطق ولو بالقوة ; لأن الغالب نطقه بعد .

والخرس أمر نادر ولأنهم لم يذكروا الحكومة إلا في لسان الأخرس واستظهر بعضهم الثاني ( قوله : واليد الشلاء ، أو الرجل إلخ ) كانت الجناية عمدا ، أو خطأ وظاهره كغيره أن في كل من لسان الأخرس ، واليد ، والرجل الشلاء حكومة ولو كان الجاني متعمدا مماثلا للمجني عليه في الخرس ، أو الشلل خلافا لما يؤخذ من كلام تت عند قول المصنف وفي الأصبع الزائدة إلخ من لزوم القصاص حينئذ .

( قوله : دخلت في قوله ، والضعيف إلخ ) أي فإن كان النفع الذي بها جل نفعها كانت كالسليمة ففيها القصاص في العمد ، والدية كاملة في الخطإ ، وإن كان النفع الذي بها أقل من جل نفعها فله من الدية الكاملة بحساب ما كان فيها ( قوله : وهو ما عدا الأصابع إلخ ) يعلم من هذا أن الساعد من المنكب إلى الأصابع بإخراج الغاية ( قوله : وسواء ذهب الكف إلخ ) أي وقطع ما عداه من الذراع ، أو قطعه مع الذراع ، فاللازم حكومة واحدة على كل حال .

( قوله : وقال أشهب فيهما ) أي أليتي المرأة خطأ الدية أي ; لأنهما أعظم عليها من ثدييها ، والخلاف إنما هو في أليتي المرأة خطأ وأما أليتا الرجل خطأ ففيهما حكومة اتفاقا .

( قوله : وفي العمد ) أي وفي قطع الأليتين عمدا من رجل ، أو امرأة ( قوله : وسن مضطربة جدا بحيث لا يرجى ثبوتها ) أي إذا تركت فإذا جنى عليها إنسان فقلعها ففيها حكومة ولو كان أخذ أو لا ، لاضطرابها عقلا وذلك لأن قلعها ينقص الجمال هذا هو الصواب كما في بن ( قوله ففيها العقل ) أي إذا جنى عليها إنسان وقلعها ( قوله : وعسيب ذكر بعد ذهاب الحشفة ) إطلاق العسيب على الباقي بعد الحشفة مجاز باعتبار ما كان ; إذ قصبة الذكر إنما يقال لها عسيب مع وجود الحشفة وما ذكره المصنف من أن في عسيب الذكر حكومة نحوه في المدونة قال في التوضيح وقد يقال الظاهر لزوم الدية ; لأنه يجامع به وتحصل به اللذة انظر بن




الخدمات العلمية