الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وقدم ) في سماع الدعوى ( المسافر ) وجوبا على الحاضر ولو سبق الحاضر إلا لضرورة ، وإن تعدد المسافر قدم الأسبق إلا لضرورة ( و ) قدم ( ما يخشى فواته ) لو قدم غيره عليه ولو مسافرا لضرر الفوات ( ثم السابق ) إلى مجلس القضاء على المتأخر عنه ( قال ) المازري [ ص: 143 ] من عند نفسه ( وإن ) كان السابق ملتبسا ( بحقين ) أو أكثر فيقدم على المتأخر بكل حقوقه ( بلا طول ) فإن كان فيهما طول يضر بالمتأخر قدم بأحدهما وأخر الثاني عمن يليه ( ثم ) إذا لم يكن مسافر ولا سابق بأن جاءوا معا أو سبق أحدهم وجهل وادعى كل السبق ولا ما يخشى فواته ( أقرع ) بينهم فمن خرج سهمه بالتقديم قدم ( وينبغي ) للقاضي ( أن يفرد وقتا أو يوما للنساء ) ولو كانت خصومتهن مع رجال ; لأنه أستر لهن ( كالمفتي والمدرس ) تشبيه في جميع ما تقدم فيقدم كل منهما : المسافر وما يخشى فواته ، ثم السابق ، ثم أقرع وكذا المقرئ إلا لمهم وكذا أرباب الحرف كالخباز .

التالي السابق


( قوله : وقدم في سماع الدعوى المسافر ) يعني أنه إذا تداعى عند القاضي مسافرون وغيرهم وتنازعوا في التقديم للدعوى قدم المسافر على الحاضر وقوله : وجوبا أي وقيل ندبا . ( قوله : ولو سبق الحاضر ) أي لمجلس القاضي بأن أتى إليه قبل إتيان المسافر وقوله : إلا لضرورة أي إلا كان يحصل للمقيم ضرر بسبب تقديم المسافر عليه وإلا قدم عليه المقيم فإن حصل لكل ضرر بسبب تقديم الآخر أقرع بينهما . ( قوله : وما يخشى فواته ) أي ومدعي ما يخشى فواته ففي الكلام حذف وذلك كمدعي نكاح استحق فسخا قبل الدخول وخيف إن .

[ ص: 143 ] أخر النظر فيه يحصل دخول ومدعي طعام يسرع إليه التغير وعطف هذا على ما قبله من عطف العام على الخاص فمدعي ما يخشى فواته يقدم على غيره سواء كان ذلك المدعي مسافرا ، أو غير مسافر فقول الشارح ولو مسافرا الأولى أن يقول ولو غير مسافر ويكون مبالغة في مدعي ما يخشى فواته وأما جعله مبالغة في الغير ففيه نظر ; لأنه يقتضي تقديم مدعي ما يخشى فواته على المسافر وعطف المصنف ما يخشى فواته بالواو يقتضي أنه مع المسافر في مرتبة واحدة وحينئذ فيقدم من كان أشد ضررا منهما فإن تساويا أقرع بينهما . ( قوله : من عند نفسه ) فيه نظر ; إذ هذا القول نقله في النوادر عن أصبغ .

وحاصله أن السابق إذا كان يدعي بحقين ففي النوادر عن أصبغ أنه يقدم بحقيه على من تأخر عنه إذا لم يكن فيهما طول وقال غيره : إنه يقدم بأحد الحقين ويؤخر الحق الثاني عن جميع من حضر واختار المازري الأول إذا علمت هذا تعلم أن الأولى للمصنف أن يقول : ثم السابق وإن بحقين بلا طول على المقول هكذا بصيغة الاسم لاختيار المازري له من خلاف لكن كثيرا ما يستعمل المصنف قال لمجرد النسبة كما في : قال وهو الأشبه . ( قوله : وإن كان السابق ملتبسا بحقين ) الأوضح وإن كانت دعوى السابق بحقين ودعوى المتأخر عنه بحق واحد إذا كان لا طول فيهما . ( قوله : قدم بأحدهما ) أي ولو كان فيه طول . ( قوله : وأخر الثاني عمن يليه ) صوابه عن جميع من حضر كما يفيده كلام النوادر انظر بن . ( قوله : أقرع بينهم ) أي بأن يأتي القاضي برقاع بعددهم ويأمر أحدهم بأخذ رقعة فمن خرج اسمه أولا قدم وهكذا . ( قوله : وينبغي أن يفرد وقتا ، أو يوما للنساء ) أي اللاتي يخرجن لا المخدرات اللاتي يمنع من سماع كلامهن فإنهن يوكلن ، أو يبعث القاضي لهن في منزلهن واحدا من طرفه يسمع دعواهن كما قرره شيخنا . ( قوله : ولو كانت خصومتهن إلخ ) أي هذا إذا كانت خصومتهن فيما بينهن بل وكانت إلخ . ( قوله : وكذا المقرئ ) أي الذي يقرأ القرآن يقدم المسافر ، ثم الأسبق ، ثم أقرع . ( قوله : إلا لمهم ) بأن كان أحدهم أكثر قابلية فيقدم على غيره لتحصيل كثرة المنافع على قلتها . ( قوله : كالخباز ) أي والطحان فيقدم المسافر ثم الأسبق ، ثم أقرع هذا كلامه والذي في ابن غازي عن ابن رشد أنه يقدم الأول فالأول إن لم يكن عرف وإلا عمل به والذي في المواق عن البرزلي أن أرباب الصنائع إن كان بينهم عرف عمل به وإلا قدم الآكد فالآكد بجوع أهل ، أو خوف فساد .




الخدمات العلمية