الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وذكر المرتبة الثالثة بقوله ( وإلا ) بأن كان المشهود به مالا أو آيلا له ( فعدل وامرأتان ) عدلتان ( أو أحدهما ) أي عدل فقط وامرأتان فقط ( بيمين ) أي مع يمين المشهود له ( كأجل ) ادعاه المشتري وخالفه البائع ومثله اختلافهما في البيع أو في قبض الثمن فيثبت بعدلين أو عدل وامرأتين أو أحدهما بيمين ( وخيار ) ادعاه المشتري ونازعه البائع لأيلولته لمال ( وشفعة ) ادعى المشتري إسقاط الشفيع لها وخالفه الشفيع وكذا إذا مضت مدة وادعى الشفيع الغيبة عند العقد ( وإجارة ) كأن يقول المستأجر آجرتني بكذا أو لمدة كذا أو نحو ذلك وخالفه الآخر ( وجرح خطأ ) ادعاه المجروح على منكره ( أو ) جرح ( مال ) عمدا كجائفة ( وأداء ) نجوم ( كتابة ) ادعاه العبد على سيده المنكر فيحلف العبد مع شاهد ( وإيصاء بتصرف فيه ) أي في المال بعد موت الموصي كأن يدعي أنه جعل وصيا على أن يفرق من ماله كذا على الفقراء أو يحج به عنه أو يوفي به دينه وكذا في حياته لكنها تكون وكالة واستشكل ثبوت هذين بالعدل أو المرأتين مع اليمين بأنه لا يحلف أحد ليستحق غيره فالقياس أن لا يثبتا إلا بعدلين وأجيب بأن محل ثبوتهما مع اليمين إذا كان فيهما نفع للوصي أو الوكيل كما إذا كانتا بأجرة أو رهن كدعوى أنه وكله على قبض سلعة ليجعلها عنده رهنا في دينه الذي له على الموكل أو الميت الموصي له بذلك فإن حلف الوكيل أو الوصي مع عدل أو امرأتين ثبت له ذلك فإن نكل حلف الحي وإلا بطلت بنكول الوصي وأما دعوى أنه وصي أو وكيل على التصرف في المال من غير نفع يعود عليه فلا يثبت إلا بعدلين أو عدل وامرأتين لا بأحدهما مع يمين وأما مطلق أنه وصي بلا قيد مال أو غيره فلا بد من العدلين كمطلق وكيل ( أو بأنه حكم له به ) أي بالمال وهذا عطف على المعنى أي كالشهادة بأجل أو بأنه حكم له به أي أن من حكم له بمال ثم أراد أخذه في غير محل الحكم أو بعد موت الحاكم وعنده شاهد أو امرأتان على حكم الحاكم له به فإن ذلك يكفي مع اليمين ( كشراء زوجته ) القن أي ادعى أنه اشتراها من سيدها وأنكر السيد [ ص: 188 ] فيكفي زوجها الشاهد أو المرأتان مع اليمين ( وتقدم دين عتقا ) ادعاه الغريم على سيد العبد المدعي تقدم العتق فيكفي الغريم الشاهد أو المرأتان مع اليمين ويبطل العتق ويباع في الدين ( وقصاص في جرح ) عمدا يثبت بعدل وامرأتين أو أحدهما مع اليمين وهذه إحدى المستحسنات الأربع إذ هي ليست بمال ولا آيلة له

التالي السابق


( قوله أو أحدهما بيمين ) أطلق المصنف وغيره في قبول الشاهد مع اليمين فظاهره سواء كان ذلك الشاهد مبرزا في العدالة أم لا وهو قول بعضهم وارتضاه بن وقيل لا بد أن يكون مبرزا ( قوله كأجل ) أي لثمن مبيع ادعاه المشتري وأنكره البائع وادعى أن الثمن حال غير مؤجل وكذا إذا اتفقا على الأجل واختلفا في قدره فقول المصنف كأجل أي وقع الاختلاف بين المتبايعين في أصله أو في قدره ( قوله اختلافهما في البيع ) أي بأن ادعاه أحدهما وأنكره الثاني ( قوله لأيلولته لمال ) أي وذلك لقلة الثمن وكثرته في البت والخيار ( قوله وادعى الشفيع الغيبة عند العقد ) أي والمشتري يدعي أنه أسقط الشفعة وأنه كان حاضرا ( قوله أو نحو ذلك ) أي كأن يقول آجرتني كذا وخالفه المالك وقال لم أؤاجرك هذا الشيء والحاصل أن النزاع إما في أصل الإجارة أو في قدر الأجرة أو المدة .

( قوله أو مال ) عطف على خطأ وأضيف الجرح للمال لعدم القصاص فيه لكونه من المتالف كجائفة ومأمومة ( قوله وأداء نجوم كتابة ) أي أدى كلها أو بعضها فإذا ادعى العبد على سيده وأنكر السيد القبض حلف العبد مع شاهده حتى في النجم الأخير وإن أدى للعتق ( قوله ثبوت هذين ) أي الوصية والوكالة ( قوله فالقياس أن لا يثبتا إلا بعدلين ) أي أو بعدل وامرأتين ( قوله حلف الحي ) أي حلف الموكل والموصي إن كان حيا فإن كان ميتا بطلت بنكول الوصي ( قوله فلا يثبت إلا بعدلين أو عدل وامرأتين لا بأحدهما مع يمين ) نظير ذلك الوقف إذا كان على غير معين فإنه لا يثبت إلا بشاهدين أو بشاهد وامرأتين لا بأحدهما مع يمين لأنه لا يتعين مستحق حتى يحلف مع أحدهما وإنما يحلف في الحقوق من يستحق وأما لو كان الوقف على معين فإنه يثبت بشاهدين وبشاهد وامرأتين وبأحدهما مع يمين .

( قوله وأما مطلق أنه وصي إلخ ) تحصل من كلامه أولا وآخرا أن دعوى أنه وصي أو وكيل من غير تقييد بمال أو غيره وكذا دعوى أنه وصي في غير المال كالنظر في أحوال أولاده أو تزويج بناته لا تثبت إلا بعدلين وأما دعوى أنه وكيل أو وصي على التصرف في المال فإن كان نفع يعود على الوصي أو الوكيل كفى العدل أو المرأتان مع يمين من أحدهما فإن لم يكن نفع يعود عليه فلا يثبت إلا بعدلين أو عدل وامرأتين .

( قوله فإن ذلك يكفي مع اليمين ) هذا هو المعتمد خلافا لما شهره ابن الحاجب من اشتراط عدلين انظر بن ( قوله كشراء زوجته إلخ ) أتى في هذه المسائل الثلاث بكاف التشبيه ولم يعطفها كالتي قبلها على كأجل لأن المشهود به في الثالثة ليس مالا ولا آيلا له قطعا والاثنان قبلها المشهود به فيهما مال ويؤدي لما ليس بمال كما يتبين فيما يأتي ( قوله أي ادعى أنه اشتراها من سيدها إلخ ) أي وكذا عكسه [ ص: 188 ] وهو ما إذا ادعى السيد أن زوجها اشتراها منه وأنكر الزوج الشراء فيكفي المدعي شاهد وامرأتان أو أحدهما بيمين فالمشهود به في هذا الفرع هو البيع ويؤدي لما ليس بمال وهو فسخ النكاح ( قوله فيكفي زوجها الشاهد إلخ ) أي ويثبت الملك ويفسخ النكاح ( قوله ادعاه الغريم إلخ ) أي وأما المعتق بالكسر إذا أراد رد العتق وأقام شاهدا على تقديم الدين على العتق فإنه لا يكفي ذلك ولا بد من شاهدين وكذلك المعتق بالفتح إذا ادعى تقدم عتقه على الدين فلا بد من شاهدين ( قوله فيكفي الغريم الشاهد أو المرأتان ) أي فيشهد كل منهما بتقدم الدين على العتق وهذا مال ويؤدى لما ليس بمال وهو رد العتق ( قوله وقصاص في جرح عمدا ) استفيد من هذا ومما مر أن الجرح سواء كان خطأ أو عمدا فيه مال كالذي في المتالف أو عمدا فيه القصاص يثبت بعدل وامرأتين وبأحدهما مع يمين ( قوله وهذه إحدى المستحسنات الأربع ) أي التي انفرد بها مالك ثانيها أنملة الإبهام فيها خمس من الإبل ثالثها ثبوت الشفعة في الثمار رابعها ثبوت الشفعة في البنيان الكائن في الأرض الموقوفة ا هـ ( فرع ) لو قام شاهد لشخص أصم أبكم بدين ورثه عن أبيه فهذا لا يمكن أن يحلف مع شاهده وحينئذ فيحلف المدعى عليه ويبقى الدين بيد ذلك المدعى عليه إلى أن يزول المانع فيحلف فإن لم يزل حتى مات انتقل الحق لوارثه مع الشاهد أو على وارث المدعى عليه كذا يظهر فإن مات الشاهد فإن كانت شهادته كتبت أو أداها أو شهد بها عدلان عمل بها وإلا فلا




الخدمات العلمية