الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما كان الإنهاء جائزا معمولا به شرعا وهو تبليغ القاضي حكمه أو ما حصل عنده مما هو دونه كسماع الدعوى لقاض آخر لأجل أن يتمه أفاده بقوله ( وأنهى ) قاض جوازا ( لغيره ) من القضاة إما ( بمشافهة ) أي مخاطبة ومكالمة بما حكم به ، أو بما حصل عنده من البينة مع تزكية أو دونها ( إن كان كل بولايته ) بأن يكون كل منهما ماكثا بطرف ولايته ، ويخاطب صاحبه لأن الحاكم إذا لم يكن بولايته كان معزولا ( و ) إما ( بشاهدين ) يشهدهما على حكمه ، ثم يشهدان عند آخر بما حصل عند الأول [ ص: 160 ] فيجب عليه تنفيذه أي ولا بد أن يكون كل بولايته فقد حذفه من الثاني لدلالة الأول فلا بد أن يشهدهما الأول بمحل ولايته وأن يبلغا المنهى إليه بولايته وأما قوله ( مطلقا ) فمعناه سواء كان الحق المحكوم به يثبت بشاهدين أو بأربعة ، أو بشاهد ويمين أو امرأتين ، أو بامرأة فلا يكون الإنهاء بشاهد ولا بشاهد ويمين ، وأولى مجرد إرسال كتاب كما يأتي ( واعتمد ) المنهى إليه ( عليهما ) أي على شهادتهما ( وإن خالفا ) في شهادتهما ( كتابه ) الذي أرسله معهما ( وندب ختمه ) لأنه أدعى للقبول ، وسواء قرأه على الشاهدين ، أو لا .

التالي السابق


( قوله : وهو تبليغ القاضي حكمه ) أي لقاض آخر لينفذه ، أو تبليغ ما حصل عنده مما هو دونه أي دون الحكم لقاض آخر لأجل أن يتمه ففي كلام الشارح حذف والأصل لأجل أن يتمه أو ينفذه .

( قوله : إن كان كل ) أي من القاضيين المنهي والمنهى إليه . ( قوله : كان معزولا ) أي فإذا كان المنهي بغير محل ولايته كان كلامه للمنهى إليه بمنزلة إخباره ، أو شهادته بعد العزل بأنه قضى بكذا والمنهى إليه إذا سمع بغير ولايته كان في حكمه بعد استناد لعلم سبق مجلسه . ( قوله : يشهدهما ) أي القاضي المنهي وقوله : على حكمه أي أو على ما حصل عنده دونه وقوله : ثم يشهدان عند آخر أي أو يرسلهما بكتابه المشتمل على الحكم ، أو على ما حصل دونه ليشهدوا عند القاضي المنهى إليه أن هذا كتاب [ ص: 160 ] فلان القاضي ، وأنه أشهدنا بما فيه . ( قوله : فيجب عليه تنفيذه ) أي تنفيذ ما حصل عند الأول من حكم ، أو ما هو دونه ، وتنفيذ الثاني بالبناء عليه وعدم استئناف الدعوى من أولها . ( قوله : فلا بد أن يشهدهما الأول ) أي على ما حصل منه من حكم ، أو ما هو دونه .

( قوله : يثبت بشاهدين ) أي كنكاح وعتق وقوله : أو بأربعة أي كالزنا وكفاية الشاهدين في الإنهاء في الزنا قول ابن القاسم قال ابن رشد وهو القياس والنظر وقال سحنون لا يقبل في الزنا إلا إنهاء أربعة يشهدون على الكتاب الذي فيه شهادة الأربعة بالزنا ابن يونس : وقول سحنون عندي أبين كالشهادة على الشهادة في الزنا ا هـ بن .

( قوله : أو بشاهد ويمين ) أي أو كان الحق مما يثبت بشاهد ويمين كالمال وما يؤول إليه ، وما ذكره من أنه لا بد في الإنهاء إذا كان غير مشافهة من شاهدين ولو كان الحق مالا ، أو ما يؤول إليه ولا يكفي شاهد ويمين ، وما اختاره الدميري أخذ بظاهر كلام المصنف ، وقال عج في شرحه لا يثبت كتاب القاضي بالشاهد واليمين إلا في المال وما يئول إليه فيثبت بهما فيستثنى ذلك من مفهوم قوله مطلقا وبالجملة فقد اختلف في الشاهد واليمين على كتاب القاضي هل يكفي ذلك في الأموال ، أو لا يكفي والخلاف مبسوط في بن وفيه أيضا الرد على طفى الراد على عج فانظره إن شئت . ( قوله : واعتمد عليهما ) أي واعتمد القاضي المنهى إليه كتاب قاض مع شاهدين ، وقوله : وإن خالفا كتابه الواو للحال ; إذ صورة الموافقة لا تتوهم ومحل اعتماده على شهادتهما مع مخالفة كتابه إذا طابقت شهادتهما الدعوى وإلا لم يعتمد عليهما في شهادتهما . ( قوله : وندب ختمه ) أي من خارجه على نحو شمعة خوفا من أن يسرق ، أو يسقط من الشهود فيزاد فيه ، أو ينقص منه وأما ختمه من داخله فهو واجب ; لأن العرف عدم قبول غير المختوم من داخله .




الخدمات العلمية