الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( والاستيفاء ) في النفس ( للعاصب ) الذكر فلا دخل فيه لزوج ولا لأخ لأم ، أو جد لها وقدم ابن فابنه ( كالولاء ) يقدم الأقرب ، فالأقرب من العصبة في إرثه إلا الجد ، والإخوة فسيان هنا في القتل ، والعفو بخلاف إرث الولاء فتقدم الإخوة وبنوهم عليه وأشعر الاستثناء بسقوط بنيهم مع الجد ; لأنه بمنزلة أبيهم ولا كلام لهم مع الأب ، وإنما قال كالولاء ولم يقل كإرث ويستغنى عن الاستثناء ; لأن المراد بالجد في باب الإرث الجد ولو علا وفي باب الولاء الجد دنية ، فبين بالاستثناء من الولاء أن المراد الجد القريب وأن العالي ، لا كلام له معهم كما أن بني الإخوة لا كلام لهم معه فإن لم يكن له عاصب أصلا ، فالإمام يقتص وليس له العفو ويحلف ( الجد ) الثلث من أيمان القسامة حيث كان يرث الثلث بأن كان معه أخوان فإن كان مع أخ حلف النصف . والعمد ، والخطأ سواء في هاتين الصورتين اتفاقا .

( وهل ) إن زادت الإخوة على مثليه يحلف الثلث مطلقا ، أو ( إلا في العمد ) [ ص: 257 ] ( فكأخ ) أي يقدر أخا زائدا على عدد الإخوة فإن كانوا ثلاثة حلف ربع الأيمان ، وإن كانوا أربعة حلف خمسها عشرة أيمان ، وهكذا ( تأويلان ) فمحلهما في العمد ومعه أكثر من مثليه ( وانتظر غائب ) من العصبة ( لم تبعد غيبته ) جدا بل كانت قريبة بحيث تصل إليه الأخبار إن أراد الحاضر القصاص فإن أراد العفو فله ذلك ولا ينتظر الغائب بل له إذا حضر نصيبه من دية عمد كما سيأتي فإن بعدت غيبته جدا بحيث يتعذر وصول الخبر إليه لم ينتظر كأسير ومفقود ( و ) انتظر ( مغمى ) أي إفاقته ( ومبرسم ) بفتح السين اسم مفعول لقصر أمد البرسام غالبا بموت ، أو صحة ، وهو ورم في الرأس يثقل معه الدماغ ( لا ) مجنون ( مطبق ) بخلاف من يفيق أحيانا فتنتظر إفاقته ( و ) لا ( صغير لم يتوقف الثبوت عليه ) بأن يكون من العصبة اثنان فأكثر ولو أبعد منه ، أو واحد مساو له ، أو أبعد ويستعين بعاصب له فلهم القسامة ، والقصاص بلا انتظار الصغير ولو تعدد كما لو كان للمقتول ابن ، أو ابنان صغيران وله ، أو لهما أخوان ، أو عمان فأكثر ، أو أخ كبير مع عم ، أو عم مع ابن عم يستعين به وأما لو توقف القصاص على بلوغ الصبي بأن لم يوجد من العصبة غيره انتظر ، وكذا إن وجد واحد معه كبير كابنين أحدهما كبير فإن الكبير يحلف حصته مع إحضار الصغير معه ، ثم ينتظر بلوغ الصغير فيحلف الباقي ويثبت القصاص فمحل المصنف فيما يحتاج لقسامة .

وأما ما ثبت ببينة ، أو إقرار [ ص: 258 ] ففيه القصاص بلا انتظار من غير خلاف ( وللنساء ) عطف على للعاصب أي ، والاستيفاء أيضا للنساء بشرطين أولهما قوله ( إن ورثن ) المقتول خرجت العمة ، والخالة ونحوهما ، والثاني قوله ( ولم يساوهن عاصب ) في الدرجة بأن لم يوجد أصلا ، أو يوجد عاصب أنزل منهن كعم مع بنت ، أو أخت فتخرج البنت مع الابن ، أو الأخت مع الأخ فلا كلام لها معه في عفو ولا قود بخلاف أخت شقيقة مع أخ لأب ، فهل الكلام معه ; لأنه أنزل منها بالقوة فكلام المصنف يشملها وأورد عليه الأخت للأم ، والجدة لها ، والزوجة ; إذ كل منهن يرث ولا استيفاء لهن فكان عليه زيادة شرط ثالث لإخراجهن وأجيب بأن الكلام في امرأة لو ذكرت عصبت كما يدل عليه قوله ولم يساوهن إلخ ; لأن نفي الشيء فرع ثبوته كأنه قال ولامرأة وارثة لم يساوها عاصب المقتول فيفيد أنه لو ساواها ذكر لكان عاصبا ولكن الأولى التصريح وأما الأم فداخلة في كلام المصنف فلها الاستيفاء ; لأنها لو ذكرت كانت أبا ; لأنها ، والدة ، لكن لا كلام لها مع وجود الأب لمساواة العاصب لها .

( ولكل ) من النساء الوارثات ، والعاصب غير المساوي ( القتل ) أي من طلبه من الفريقين أجيب له ولا عبرة بمن عفا من الفريقين ( ولا عفو إلا باجتماعهم ) حقيقة ، أو حكما كواحد من هذا الفريق وواحد من الآخر ولذا عبر باجتماع دون جميع وشبه في الحكمين قوله ( كأن حزن الميراث ) كبنت وأخت شقيقة ، أو لأب وثبت قتل مورثهن ( بقسامة ) من أعمام مثلا فلكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهم وأما لو ثبت القتل ببينة ، أو إقرار فإنه لا كلام للعصبة غير الوارثين ، والحق في القتل للنساء وأما إذا لم يحزن الميراث كالبنات مع الإخوة فلكل القتل ولا عفو لاجتماعهم سواء ثبت ببينة ، أو قسامة ، وهو داخل في قوله وللنساء إن ورثن ولم يساوهن عاصب ( والوارث كمورثه ) أي ينتقل له من الكلام في الاستيفاء وعدمه ما كان لمورثه .

( وللصغير إن عفي ) بالبناء للمفعول أي إن حصل عفو من كبير وسقط القتل ( نصيبه من الدية ) أي دية عمد ولا يسري عفو الكبير عليه في إسقاط حقه منها ( ولوليه ) أي الصغير من أب ، أو وصي [ ص: 259 ] أو غيرهما إذا استحق الصغير قصاصا وحده بلا مشاركة كبير فيه ( النظر ) بالمصلحة ( في القتل و ) في أخذ ( الدية كاملة ) فيجب عليه فعل الأصلح فإن استوت المصلحة خير ولا يجوز له أخذ بعض الدية مع ملاء الجاني ( كقطع يده ) تشبيه تام أي لو قطع جان يد صغير عمدا فلوليه النظر في القطع ، أو أخذ ديتها كاملة وليس له أن يصالح على أقل من الدية ( إلا لعسر ) من الجاني ، وكذا الصغير ( فيجوز بأقل ) في المسألتين ( بخلاف قتله ) أي الصغير من إضافة المصدر لمفعوله ( فلعاصبه ) النظر لا لوليه لانقطاع نظره بالموت .

( والأحب ) أي الأولى لولي الصغير ، أو السفيه ( أخذ المال ) أي القيمة ، أو الأرش ( في ) قتل ، أو جرح ( عبده ) أي عبد الصغير عمدا دون القصاص ; إذ لا نفع للمحجور في القود ما لم يتعين لمصلحة ( ويقتص ) أي يباشر القصاص ( من يعرف ) ويكون عدلا ، وهو متعذر الآن ( يأجره المستحق ) أي يدفعها المستحق للقصاص من ماله ( وللحاكم رد القتل فقط للولي ) بأن يسلمه له ( ونهي ) الولي حينئذ ( عن العبث ) بالجاني فلا يشدد عليه ولا يمثل ويصح قراءة نهي بالبناء للفاعل وضميره عائد على الحاكم أي يجب على الحاكم أن ينهى الولي عن العبث وظاهر المصنف أن غير القتل من الجراحات التي فيها القصاص لا يردها الحاكم للمجني عليه بل يتولاها هو وجوبا وظاهره أن اللام في للحاكم للتخيير .

( وأخر ) القصاص فيما دون النفس ( لبرد ، أو حر ) شديدين أي لزوالهما لئلا يموت فيلزم أخذ نفس فيما دونها ( كالبرء ) أي كما يؤخر القصاص [ ص: 260 ] فيما دون النفس لبرء المجروح لاحتمال أن يأتي جرحه على النفس فيكون الواجب القتل بقسامة ويحتمل أن يؤخر القصاص لبرء الجاني إن كان مريضا ، والأحسن التعميم ( كديته ) أي الجرح ( خطأ ) فإنها تؤخر حتى يبرأ خوف أن يسري للنفس فتؤخذ الدية كاملة ( ولو ) كان ( كجائفة ) وآمة وموضحة مما فيه شيء مقدر من الشارع عمدا ، أو خطأ فإن العقل يؤخر خوف السريان إلى النفس فينتقل إلى القصاص ، أو إلى ما تحمله العاقلة ( و ) تؤخر ( الحامل ) الجانية على طرف ، أو نفس عمدا للوضع ووجود مرضع بعده حذر أن يؤخذ نفسان في نفس ( وإن ) كان القصاص ( بجرح مخيف ) عليها ، أو على ولدها فإن كان غير مخيف فلا تؤخذ ، وهذا إن ظهر حملها بقرينة للنساء ، وإن لم تظهر حركته ( لا بدعواها ) الحمل ( و ) إذا أخرت ( حبست ) ولا يقبل منها كفيل ( كالحد ) الواجب عليها قذفا ، أو غيره تؤخر وتحبس .

( و ) تؤخر ( المرضع لوجود مرضع ) ترضع ولدها

التالي السابق


( قوله : والاستيفاء للعاصب ) أي واستيفاء القصاص من الجاني لعاصب المقتول لا لغيره ولذا قالوا لا يجوز القتل بمجرد ثبوته ولو عاينه الحاكم بأن أقر بالقتل ولم يعين المقتول ، أو شهدت بينة بأنه قتل ولم تعين المقتول بل يحبس لاحتمال أن للمقتول عاصبا يعفو وقوله للعاصب أي من النسب إن وجد ، وإلا فعاصب الولاء إن وجد ، وإلا ، فالإمام ( قوله للعاصب الذكر ) أي ، وهو العاصب بنفسه خرج العاصب لغيره ، أو مع غيره ( قوله : فلا دخل فيه لزوج ) أي إلا أن يكون ابن عم لزوجته المقتولة ( قوله كالولاء ) أحال ما هنا على مراتب الولاء ولم يذكرها هناك ، فالأولى الإحالة على النكاح لقوله فيه وقدم ابن فابنه فأب فأخ فابنه فجد فعم فابنه إلخ ا هـ بن ( قوله : لأن المراد بالجد في باب الإرث ) أي الذي يرث مع الإخوة ( قوله : وفي باب الولاء ) أي ، والمراد بالجد الذي يقدم عليه الإخوة وبنوهم في باب الولاء الجد دنية ، ، ( قوله أن المراد الجد القريب ) أي أن المراد بالجد الذي يساوي الإخوة في الاستيفاء الجد القريب ( قوله : فإن لم يكن له عاصب أصلا ) أي لا من النسب ولا من الولاء ( قوله : وليس له العفو ) أي لا يجوز له أن يعفو عن الجاني بعد ثبوت جنايته كما قال ابن الحاج إلا أن يكون كل من القاتل ، والمقتول كافرا ، ثم يسلم القاتل كما قال ابن رشد ( قوله : حلف النصف ) أي كما يحلف الأخ النصف الثاني ; لأن ميراث كل واحد في تلك الحالة النصف فيحلف كل واحد منهما بقدر إرثه ( قوله : وهل إن زادت الإخوة على مثليه ) أي بأن كانوا ثلاثة فأكثر ( قوله : مطلقا ) أي في العمد ، والخطإ ( قوله ، أو إلا في العمد ) أي ، أو يحلف الثلث إلا في العمد .

[ ص: 257 ] قوله : تأويلان ) أي لقولها ، وإن كانوا عشرة إخوة وجدا حلف الجد ثلث الأيمان ، والإخوة ثلثيها فحملها ابن رشد على ظاهرها من العموم في العمد ، والخطإ وحملها بعض شيوخ عبد الحق على الخطإ وأما في العمد فتقسم الأيمان بينهم على عددهم ( قوله : فمحلهما في العمد ومعه أكثر من مثليه ) أي ، والحال أن معه أكثر من مثليه وأما في الخطإ إذا كان معه أكثر من مثليه فإنه يحلف ثلثها اتفاقا كما إذا كان معه مثلاه فإنه يحلف ثلثها في العمد ، والخطإ اتفاقا ( قوله : وانتظر غائب من العصبة ) أي له حق في الاستيفاء بأن كان مساويا للحاضر في الدرجة ليعفو ، أو يقتل ويحبس القاتل مدة الانتظار ويحدد ; لأن العادة الفرار في مثل ذلك ولا يطلق بكفيل ; إذ لا تصح الكفالة في القود وينفق عليه من ماله إن كان له مال ، وإلا فمن بيت المال فإن انتفيا ففي ح يطلق ولا يحبس حتى يموت جوعا وفي البدر القرافي ينفق عليه الولي الحاضر ويرجع على أخيه إذا قدم إن قام بحقه .

( قوله : لم تبعد غيبته ) هذا قول ابن القاسم في المجموعة وكأن المصنف ، فهم أنه تقييد للمدونة وظاهر المدونة عند ابن رشد وأبي عمران أن الغائب ينتظر ، وإن بعدت غيبته وقال سحنون ينتظر الغائب إلا أن يبعد جدا ، أو ييأس منه كالأسير ونحوه وقيد به ابن يونس المدونة وجرى عليه ابن الحاجب واختار ابن عرفة أن كلام سحنون مقابل للمدونة لا تقييد لها وأنها باقية على إطلاقها كما قال ابن رشد وأبو عمران انظر ح وبه تعلم ما في قول الشارح تبعا لعبق إذا لم تبعد غيبته جدا ا هـ بن ، ثم قال ومحل الخلاف المذكور إذا غاب بعض العصبة دون بعض فلو غابوا كلهم ، فالظاهر انتظارهم مطلقا ولو بعدت غيبتهم وفي مختصر الوقار ما يشهد لذلك ا هـ .

والحاصل أنهم إذا غابوا كلهم انتظروا مطلقا قربت الغيبة ، أو بعدت وأما إذا غاب بعضهم فظاهر المدونة كذلك ولابن القاسم في المجموعة ينتظر الغائب إذا لم تبعد غيبته فإن بعدت لم ينتظر وظاهره ولو كان البعد لا جدا وقال سحنون ينتظر الغائب إن لم يبعد جدا ولم ييأس منه فاختلف الأشياخ هل كلام سحنون تقييد للمدونة ، وهو ما قاله ابن يونس وجرى عليه ابن الحاجب ، أو مقابل للمدونة ، والمدونة باقية على إطلاقها ، وهو ما قاله ابن رشد وأبو عمران واختاره ابن عرفة ( قوله : وإن أراد الحاضر القصاص ) هذا شرط في انتظار الغائب ، وكذا هو شرط في انتظار من يأتي فيقال إن محل انتظار المبرسم ، والمغمى عليه إذا طلب الصحيح القصاص ( قوله : وانتظر مغمى ) أي وانتظر إفاقة عاصب مغمى لقرب إفاقته ( قوله : ومبرسم ) أي وانتظر إفاقة عاصب مبرسم ( قوله يثقل معه الدماغ ) الذي في عبارة غيره يعتل معه الدماغ .

( قوله لا مجنون ) أي لا ينتظر إفاقة عاصب مجنون مطبق لم تعلم إفاقته ( قوله : ولا صغير ) أي ولا ينتظر بلوغ عاصب صغير واحد ، أو متعدد ( قوله : لم يتوقف الثبوت ) أي ثبوت القتل عليه بحلف أيمان القسامة ( قوله ولو أبعد ) أي هذا إذا كانوا مساوين له في الدرجة بل ، وإن كانوا أبعد منه في الدرجة ( قوله وله ) أي للابن الصغير وقوله ، أو لهما أي للابنين الصغيرين وقوله أخوان ، أو عمان إلخ أي فيحلف من ذكر ويثبت الدم فإن اقتصا فظاهر ، وإن عفيا ، أو واحد سقط القتل وللصغير ، أو الصغيرين دية عمد هذا هو المرتضى ، والموافق للمدونة خلافا لقول ابن رشد بانتظار بلوغ الصغار فالمصنف ماش على كلام المدونة ومحل الخلاف المذكور فيما إذا كان ثبوت القتل يحتاج لقسامة كما قال الشارح وأما لو ثبت القتل ببينة ، أو إقرار فلا ينتظر بلوغ الصغير اتفاقا ولو تعدد وللكبار القصاص حالا فإن عفا بعضهم فلا قصاص ولمن لم يعف نصيبه من الدية .

( قوله : وأما لو توقف القصاص ) الأنسب وأما لو توقف ثبوت القصاص على بلوغه ( قوله ، وكذا إن وجد واحد معه كبير ) أي ولم يكن له عاصب يستعين به ( قوله : ويثبت القصاص ) [ ص: 258 ] أي فإن شاء بعد ذلك اقتص ، أو عفا ( قوله : ففيه القصاص ) أي حالا بلا انتظار ( قوله أي ، والاستيفاء أيضا للنساء بشرطين ) اعلم أن الشرطين المذكورين لثبوت أصل الاستيفاء لهن وأما كونهن ينفردن به عن العصبة من الرجال ، أو تقع المشاركة بينهم فيه ، فهذا مبحث آخر سيأتي في قول المصنف ولكل القتل إلخ ( قوله ; لأنه أنزل منها بالقوة ) أي ، وإن ساواها في الدرجة ; لأن درجة الأخوة جامعة للكل ( قوله فكلام المصنف يشملها ) ; لأن قوله ولم يساوهن عاصب صادق بما إذا كان عدم المساواة في الدرجة ، أو في القوة فإذا علمت أن الأخت الشقيقة مع الأخ للأب لها حق في الاستيفاء وأن كلام المصنف يشملها تعلم أن الأولى للشارح أن يقول بعد قول المصنف ولم يساوهن عاصب أي في الدرجة ، أو القوة ولا يقتصر على الدرجة .

( قوله : فكان عليه زيادة شرط ثالث ) أي بأن يقول وكن لو كان في درجتهن رجل ورث بالتعصيب فتخرج الأخت للأم ، والزوجة ، والجدة للأم ( قوله ولكل القتل ) هذا إذا كان المستحقون للدم نساء ورجالا أنزل منهن وسيأتي ما إذا كان المستحقون للدم رجالا فقط في قوله وسقط إن عفا رجل إلخ وسيأتي ما إذا كان المستحق للدم نساء فقط في قوله ، وإن عفت بنت نظر الحاكم .

وحاصل ما يتعلق بالقسم الأول ، وهو ما إذا كان مع النساء عاصب لم يساوهن أن تقول أنهن إما أن يحزن الميراث كله ، أو لا فإن لم يحزنه كالبنات ، والأخوات فكل من طلب القتل من الفريقين أجيب له ولا عفو إلا باجتماعهم ثبت القتل بقسامة ، أو غيرها ، وهذا مراده بقوله ولكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهم ، وإن حزن الميراث كالبنات ، والأخوات ، والأعمام فإن ثبت القتل بقسامة فلا عفو إلا باجتماعهم أيضا ولكل منهما القصاص إن طلبه ، وإن ثبت بغيرها فلا حق للعصبة معهن لا في عفو ولا في قود باتفاق كما في التوضيح ، وهذا مراد المصنف بقوله كأن حزن الميراث .

( قوله : فلكل القتل ) أي فمن طلبه من الفريقين أجيب لذلك وأما العفو فلا يكون إلا باجتماعهم ( قوله فإنه لا كلام للعصبة ) أي لا كلام لهم معهن لا في عفو ولا في قود ( قوله : والحق في القتل ) أي ، وكذلك في العفو ( قوله فلكل القتل ) أي فلكل من النساء ، والعصبة القتل فكل من طلبه من الفريقين أجيب له ( قوله سواء ثبت ببينة ، أو قسامة ) أي ، أو إقرار ( قوله : وهو داخل في قوله إلخ ) الأولى أن يقول هذا مراده بقوله ولكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهم ( قوله ، والوارث ) أي لمن له ولاية الاستيفاء ومراده بالوارث من كان عاصبا بالفعل ومن لو ذكر عصب فلا يدخل الزوج ، والزوجة في كلامه ( قوله : ينتقل له من الكلام في الاستيفاء وعدمه ما كان لمورثه ) سواء كان ذلك الوارث الذي ورث من له الاستيفاء ذكرا ، أو أنثى حتى لو كان الوارث المذكور ذكرا ، أو أنثى كان الكلام لهما معا ، وإن استوت درجتهما كموت ابن المقتول عن ابن وبنت فلها الكلام مع أخيها ولا يراعى في وارث ولي المقتول الأنثى عدم مساواة عاصب لها كما روعي ذلك في ، أولياء المقتول ، وإذا كان الكلام لبنت المقتول وعمها وماتت عن بنت كان لها الكلام مع العم .

( قوله وللصغير ) أي مع كبار كلهم مستحقون للاستيفاء ( قوله ولوليه النظر ) اللام للاختصاص أي أن الولي مختص بالنظر في قتل الجاني وأخذ الدية ، وهذا لا ينافي أن فعل الأصلح منهما واجب عليه فإذا رأى [ ص: 259 ] المصلحة في أخذ الدية أخذت من الجاني قهرا عنه ولو أبى من دفعها وقال ليس لكم إلا القصاص ، أو العفو مجانا هكذا ، فهم ابن رشد وقال إن ابن القاسم خالف أصله وذلك ; لأن المحل ضرورة لأجل الصغير فقوله القود متعين ما لم تدع الضرورة ، وهنا دعت الضرورة لعدمه ( قوله : أو غيرهما ) أي كمقدم القاضي ( قوله إذا استحق الصغير إلخ ) أي كما لو قتلت أم الصغير وليس لها ولي غيره أما لو كان مع الصغير كبير استقل عن وصي الصغير بالقتل على المعتمد وقيل يتوقف على نظر الموصي معه ، والفرض أن القتل ثبت ببينة ، أو إقرار .

( قوله : ولا يجوز له أخذ إلخ ) أي فإن صالح ولي الصغير الجاني على أقل من الدية مع ملاء الجاني رجع الصغير بعد رشده على القاتل ولا يرجع القاتل على الولي بشيء ( قوله : أو أخذ ديتها كاملة ) أي ولو أبى القاطع ( قوله : وليس له أن يصالح إلخ ) أي فإن صالح على أقل منها رجع الصغير بعد رشده على الجاني ولا يرجع الجاني على الولي بشيء ( قوله : وكذا الصغير ) قال بن الصواب حذفه ; لأن المصلحة لا تقتضي صلحه له بأقل ( قوله : فيجوز بأقل ) أي فيجوز صلحه بأقل من الدية أي ويجوز له القتل في الأولى ، والقطع في الثانية ، والموضوع أن المصلحة مستوية في كل من الصلح بالأقل ، والقصاص ( قوله : والأحب أخذ المال إلخ ) أي أنه إذا تعدى شخص على عبد الصغير المولى عليه ، وكذا السفيه وقتله ، أو جرحه وكان الجاني مماثلا ، فالأولى لولي الصغير ، وكذا ولي السفيه أن يأخذ القيمة من الجاني في القتل وأرش نقصه في الجرح ولا يقتص من ذلك الجاني المماثل ; إذ لا نفع للصغير ولا للسفيه في القصاص من الجاني ( قوله : أي الأولى ) أشار الشارح بذلك إلى أن الأحب ليس صفة لمحذوف وأن المعنى ، والقول الأحب المشعر بأن المسألة ذات خلاف ; إذ لا خلاف فيما ذكره المصنف ( قوله : ويقتص من يعرف ) في بن قال مالك وأحب إلي أن يولي الإمام على الجرح رجلين عدلين ينظران ذلك ويقيسانه فإن لم يجد إلا واحدا فأرى ذلك مجزيا إن كان عدلا وفي ح لا يطلب أن يكون القصاص بما جرح به فإذا ، أوضحه بحجر مثلا ، أوضح بالموسى لا بحجر ا هـ وفي عبق شمل قوله ويقتص من يعرف الجرح ، والقتل ومحله في الثاني ما لم يسلم الجاني لولي المجني عليه فله قتله ، وإن لم يعرف ; لأن الاختلاف في القتل يسير كذا استظهره الشيخ أحمد الزرقاني ، وهو ظاهر البساطي ونقل المواق نحوه عن ظاهر المدونة .

( قوله : يدفعها المستحق للقصاص من ماله ) هذا هو المشهور وقيل إن أجرة القصاص على الجاني ; لأنه ظالم ، والظالم أحق بالحمل عليه ، وهذا الخلاف مبني على خلاف آخر ، وهو هل الواجب على الجاني التمكين من نفسه فقط وحينئذ ، فالقطع ونحوه أمر زائد على الواجب فيكون أجر ذلك الزائد على مستحقه ، أو الواجب عليه التسليم بمعنى القطع كما تسلم الحقوق المالية وحينئذ فأجرة القصاص عليه ( قوله : بأن يسلمه له ) أي لأجل أن يستوفي منه ( قوله فلا يشدد عليه ) أي بحبس ، أو تخشيب ، أو تكتيف قبل الجناية منه ( قوله : لا يردها الحاكم للمجني عليه إلخ ) إن قلت أي فرق بين الجرح ، والقتل قلت الأصل عدم تمكين الإنسان من استيفاء حقه بنفسه ; لأن من وظيفة الحكام تخليص الناس من بعضهم خرج القتل عن الأصل بدليل خاص ، وهو تسليمه صلى الله عليه وسلم القاتل للمستحق وبقي ما عداه على أصله ( قوله : إن اللام في للحكم للتخيير ) أي ، فالحاكم مخير بين أن يقتل الجاني وأن يسلمه لولي المقتول ليستوفي منه ، لكن ظاهر المدونة في غير موضع يدل على طلب ذلك من الحاكم أي يجب عليه رد القاتل للولي ، فالأولى جعل اللام في كلام المصنف للاختصاص ليوافق ظاهر المدونة ( قوله وأخر القصاص ) أي وجوبا ( قوله فيما دون النفس ) أي وأما الجاني على النفس فلا يؤخر القصاص منه لما ذكر ( قوله : أي لزوالهما ) هذا [ ص: 260 ] يقتضي أن اللام في قوله لحر بمعنى إلى التي لانتهاء الغاية وأن في الكلام حذف مضاف ، وهو غير متعين بل يصح جعل اللام للتعليل ولا حذف ولا شيء .

( قوله ويحتمل أن يؤخر القصاص ) أي فيما دون النفس لبرء الجاني ولو تأخر البرء سنة ( قوله : كديته ) أراد بها ما يشمل الحكومة فيما ليس فيه شيء مقدر من الشارع وذلك ; لأن جرح الخطإ إذا لم يكن فيه شيء مقرر يؤخر أخذ عقله للبرء فإن برئ على شين أخذ فيه حكومة ، وإن برئ على غير شين فلا شيء فيه ( قوله كديته خطأ ) ولو كجائفة أي كما تؤخر دية الخطإ للبرء هذا إذا كانت تلك الدية لا تحملها العاقلة لكونها أقل من الثلث كدية الموضحة بل ولو كانت تحملها العاقلة كدية الجائفة ، وهذا مذهب ابن القاسم في المدونة ورد بلو على أشهب القائل متى ما بلغ عقل الجرح الخطإ ثلث الدية فلا تأخير لوجوب ذلك على العاقلة ساعة الجرح انظر بن ( قوله : وموضحة ) الأولى إبدالها بالدامغة ; لأن دية الموضحة لا تحملها العاقلة ; لأنها أقل من الثلث لما سيأتي من أن في الموضحة نصف عشر الدية إذا كانت خطأ وأما عمدا ففيها القصاص بخلاف الجائفة ، والآمة ، والدامغة فإن في كل ثلث الدية في العمد ، والخطإ ( قوله فينتقل إلى القصاص إلخ ) أي في جرح العمد وفيه أن موضوع الكلام الجرح الخطأ ولا قصاص فيه وقوله ، أو إلى ما تحمله العاقلة أي في الخطإ وفيه أنه يقتضي أنه إذا لم يحصل سريان تكون دية الجائفة وما معها على الجاني مع أنها على العاقلة ، فالأولى في التعليل أن يقول خوف السريان إلى النفس فتؤخذ الدية كاملة .

( قوله : الجانية على طرف ، أو نفس ) الأولى حذف قوله على طرف ; لأنه قوله ، وإن بجرح مخيف فما قبل المبالغة خصوص الجناية على النفس ; إذ المعنى وتؤخر الحامل الجانية هذا إذا كان القصاص منها بسبب نفس بل ، وإن كان بسبب جرح يخاف عليها ، أو على الولد إذا فعل بها مثله ( قوله ، وهذا ) أي ومحل هذا ، وهو تأخيرها ( قوله : إن ظهر حملها بقرينة للنساء ) أي كتغير ذاتها وطلبها لما تشتهيه الحامل وقوله ، وإن لم تظهر حركته أي هذا إذا ظهر لهم حركة الحمل بل ، وإن لم تظهر لهم حركته ( قوله : وإذا أخرت ) أي لأجل حملها حبست إلخ ( قوله : كالحد الواجب عليها ) أي فإنها تؤخر فيه لأجل حملها وتحبس ولا يقبل منها كفيل ( قوله : وتؤخر المرضع ) أي الجانية على نفس عمدا أي ، أو بجرح مخيف ( قوله : لوجود مرضع ) أي حيث كان يقبل غيرها ، وإلا وجب تأخيرها لمدة الرضاع وتأخير المرضع لوجود مرضع واجب كما هو حقيقة الفعل فقول عبق وتؤخر المرضع جوازا فيه نظر قاله شيخنا العدوي




الخدمات العلمية