الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( اشترى ) المكاتب ( من يعتق على سيده ) ( صح ) وله بيعه وله وطؤها إن كانت أمة ولا تعتق عليه ولا على سيده ولو اشتراه عالما ( وعتق ) على السيد ( إن عجز ) عن الأداء ( والقول للسيد في ) نفي ( الكتابة ) عند التنازع بلا يمين ; لأنها من العتق وهو لا يثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها فكان عليه رحمه الله تعالى أن يصرح بنفي ; لأن السيد إذا ادعى الكتابة وأنكرها العبد فالقول للعبد بلا يمين للعلة المذكورة فتحصل أن القول لمن أنكرها منهما خلافا لمن قال القول للسيد نفيا وإثباتا وأبقى المصنف على ظاهره [ ص: 404 ] ( و ) في نفي ( الأداء ) لنجوم الكتابة بيمين كما جزم به ابن عرفة ، فإن نكل حلف المكاتب وعتق ، فإن نكل فالقول لسيده ( لا القدر ) كأن يقول بعشرة وقال العبد بأقل كخمسة فليس القول للسيد بل للعبد بيمين إن أشبه السيد أم لا ، فإن انفرد السيد بالشبه فقوله بيمين ، فإن لم يشبه واحد منهما حلفا وكان فيه كتابة المثل ونكولهما كحلفهما وقضى للحالف على الناكل ( و ) لا ( الجنس ) فالقول للعبد وظاهره مطلقا ونقله ابن شاس عن ابن القاسم والذي اتفق عليه المازري واللخمي أنهما يتحالفان ويرد إلى كتابة المثل ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل ولا يراعى شبه ولا عدمه كما في اختلاف المتبايعين وقال اللخمي إلا أن يدعي أحدهما أنها وقعت بعين والآخر بعرض فالقول لمدعي العين ; لأنها الغالب في المعاوضات ما لم ينفرد الآخر بالشبه فالقول له بيمين ( والأجل ) فالقول للعبد أي إذا اختلفا في قدره أو انقضائه ما لم ينفرد السيد بالشبه على ما تقدم في القدر

التالي السابق


( قوله : صح ) الصحة أعم من الجواز وعدمه وحينئذ فلا تقتضي أحدهما بعينه فلا يقال مقتضى قوله صح أنه لا يجوز له ابتداء إذا كان عالما بأنه يعتق على سيده مع أنه قد صرح في التوضيح بالجواز ( قوله : ولو اشتراه عالما ) أي بأنه يعتق على سيده ( قوله : إن عجز عن الأداء ) أي إن عجز المكاتب عن أداء كتابته لا قبل عجزه فلا يعتق على واحد منهما كما تقدم للشارح فليس المكاتب كالمأذون له في التجارة لما تقدم أنه إذا اشترى من يعتق على سيده غير عالم ولا دين عليه محيط ، فإنه يعتق على سيده ، وإن كان عالما لم يعتق على واحد منهما ، وإن كان عليه دين محيط وهو غير عالم ، فإن غرماءه يبيعونه في دينهم والفرق أن المكاتب أحرز نفسه وماله فلا ينتزع ماله بخلاف المأذون له في التجارة .

( قوله : للعلة المذكورة ) أي وهي أن الكتابة من قبل العتق وهو لا يثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجرها وفيه أن هذه العلة لا تأتي هنا ; لأن المدعي هنا هو السيد والعتق بيده فدعواه الكتابة إقرار بالعتق ودعوى بعمارة ذمة العبد بالمال فليس هنا دعوى العتق أصلا وإذا علل بعضهم كون القول قول العبد بقوله ; لأن السيد مدع يريد عمارة ذمة العبد بمجرد قوله إلا أن مقتضى هذا التعليل أن يكون القول قول العبد بيمين لا بلا يمين وذلك لأنها دعوى بمال فتتوجه اليمين على المدعى عليه بمجردها ( قوله : خلافا لمن قال القول للسيد ) أي في شأن الكتابة سواء ادعى نفيها أو ثبوتها وهذا القول

[ ص: 404 ] مشى عليه خش تبعا للفيشي وسلمه شيخنا العلامة العدوي ولم يتعقبه والذي اقتصر عليه في المج ما مشى عليه شارحنا تبعا لشب وعبق ذكر القولين وصدر بما مشى عليه الشارح

( قوله : وفي نفي الأداء ) أي والقول للسيد في نفي الأداء ككل النجوم أو بعضها إن ادعى العبد الأداء كلا أو بعضا .

( قوله : كما جزم به ابن عرفة ) أي لأن دعوى العبد الأداء دعوى بمال وهي تثبت بشاهد ويمين فتتوجه اليمين على المدعى عليه وهو السيد هنا بمجردها ومحل خلف السيد ما لم يشترط في صلب عقد الكتابة التصديق بلا يمين وإلا عمل به كما في وثائق الجزيري ( قوله : فالقول لسيده ) أي فالقول قوله إذا حلف أو نكل ( قوله : أم لا ) أي بأن انفرد العبد بالشبه ( قوله : حلفا ) أي حلف كل واحد منهما على إثبات دعواه ونفي دعوى الآخر ( قوله ولا الجنس ) ، فإذا قال العبد وقعت الكل بعشرة ريالات وقال السيد بل بعشرة أرادب قمح فليس القول قول السيد بل القول قول العبد بيمين وكذا إذا ادعى أحدهما أنها بثوب مثلا والآخر بكتاب فالقول قول العبد بيمين ( قوله : وظاهره مطلقا ) أي سواء انفرد العبد بالشبه أو أشبها معا أو أشبه السيد فقط .

( قوله : ويرد إلى كتابة المثل ) أي من العين وهذا إذا اتفقا على أن الكتابة وقعت بعرض واختلفا في جنسه بأن قال أحدهما بثوب والآخر قال بكتاب مثلا ، وأما إذا قال أحدهما : وقعت بعين وقال الآخر : إنها وقعت بعرض فعند المازري كذلك وقال اللخمي القول قول مدعي العين ما لم ينفرد الآخر بالشبه وإلا كان القول قوله بيمين هذا محصل كلام الشارح .

( قوله : أنهما يتحالفان ) أي يحلف كل على ثبوت دعواه ونفي دعوى صاحبه ( قوله : أي إذا اختلفا ) أي السيد والعبد في قدره وانقضائه وكذا في أصله وعدمه فالقول للعبد سواء انفرد العبد بالشبه أو أشبها معا ، فإن انفرد السيد بالشبه فالقول قوله بيمين ، فإن لم يشبه واحدا منهما حلفا ورجعا لأجل المثل ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل




الخدمات العلمية