الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) إذا كان لمجهول الدين ثلاثة أولاد مثلا مسلم ويهودي ونصراني ادعى كل أن أباه كان على دينه ( قسم ) ماله ( على الجهات بالسوية ) لجهة الإسلام الثلث ولكل من الآخرين الثلث وإذا أخذت كل جهة ثلثها قسموه على حكم الميراث عند كل ملة هذا هو الظاهر ويحتمل أن الذكر والأنثى سواء وظاهر أنا لا نحكم عليهم بشرعنا إلا إذا ترافعوا إلينا فإذا لم يترافعوا إلينا سلمنا لهم ما يخصهم يفعلون به ما يقتضيه رأيهم ( وإن ) ( كان معهما ) أي مع المسلم والكافر [ ص: 225 ] اللذين ادعى كل منهما أن أباه مات على دينه ( طفل ) ذكر أو أنثى ولد للميت أيضا ولم يحكم بإسلامه لجهل دين أبيه وأما ما يأتي له في الردة من أنه يحكم بإسلام غير المميز بإسلام أبيه فهو في الأب المحقق إسلامه ( فهل يحلفان ) أي يحلف كل أن أباه مات على دينه ( ويوقف ) للصغير ( الثلث ) لأنه ربما ادعى جهة ثالثة ( فمن وافقه ) الطفل منهما ( أخذ حصته ) من الثلث الموقوف وهي السدس ( ورد على الآخر ) الذي لم يوافقه السدس الباقي فيكمل له النصف ويأخذ الصغير السدس ومن وافقه الثلث وإنما لم يشارك الصغير من وافقه مع أنه مساو له في الدرجة لأنه حين الموت قد استحق كل من أصحاب الجهتين الثلث ولا ينقص عنه فلم يبق له إلا السدس فهذا هو الذي انتفى فيه مساواة أهل الجهة فإن ادعى جهة ثالثة أخذ جميع الثلث ( وإن مات ) الطفل قبل بلوغه ( حلفا ) ثانيا كل على طبق دعواه كما حلف أولا ( وقسم ) نصيب الطفل بينهما فاليمين الأولى لاستحقاق كل حظه من أبيه والثانية لاستحقاقه من أخيه ( أو ) لا يحلفان بل يعطى ( للصغير النصف ) ابتداء لأن كلا منهما مقر بأنه أخوه فيعطيه نصف ما بيده ( ويجبر ) الآن ( على الإسلام ) ترجيحا له على غيره ( قولان ) ثم ذكر مسألة تعرف بمسألة الظفر بقوله

التالي السابق


( قوله وقسم ماله على الجهات ) أي سواء تجردت دعوى كل عن البينة أو كان لكل واحد بينة وسواء كان بيد أحد المتنازعين أو بيدهما معا أو بيد غيرهما أو لا يد لأحد عليه لأنه مال علم أصله وهو مجهول الدين فلا أثر للحوز فيه كما مر ( قوله ولكل من الآخرين الثلث ) أي ولو كانت أفراد جهة أكثر من أفراد جهة أخرى ( قوله قسموه على حكم الميراث عند كل ملة ) أي فما يخص جهة الإسلام يقسم على أفرادها للذكر مثل حظ الأنثيين إن تعدد أفرادها وإن اتحد أخذ ما يخصها إن كان ذكرا فإن كان أنثى أخذ نصف ما يخص جهة الإسلام والباقي منه لبيت المال فإذا لم يخلف إلا بنتا [ ص: 225 ] مسلمة وأختا كافرة أو العكس فما تأخذه المسلمة تعطى نصفه ونصفه الآخر لبيت المال لأن الأخت أو البنت المسلمة تدعي النصف وبيت المال يدعي النصف الآخر والكافرة تنازعهما فتأخذ نصف مال كل ( قوله اللذين ادعى كل منهما أن أباه مات على دينه ) أي سواء أقام كل منهما بينة على دعواه أو كانت دعوى كل منهما مجردة عن البينة ( قوله فهل يحلفان إلخ ) ينبغي أن تكون البداءة بالقرعة إذا تنازعا فيمن يحلف منهما أولا ( قوله فمن وافقه الطفل ) أي بعد بلوغه ومن واقعه على أحد الولدين وضمير وافقه البارز عائد على من والمستتر عائد على الطفل وكذا ضمير أخذ عائد على الطفل والضمير المضاف إليه في حصته عائد أيضا على من والتقدير فأي ولد وافقه الطفل أخذ ذلك الطفل حصته من الثلث الموقوف ومفهوم المصنف أنه إن لم يوافقه واحد منهما بأن تدين بجهة ثالثة أخذ الموقوف كله ( قوله ورد على الآخر الذي لم يوافقه السدس الباقي ) أي فإذا كان المال اثني عشر دينارا دفع لكل من البالغين أربعة ووقف للصغير على هذا القول أربعة فإذا بلغ ووافق أحدهما أخذ دينارين من الأربعة الموقوفة ورد للذي لم يوافقه دينارين ولا يشارك الصبي من وافقه في شيء من الأربعة التي أخذها أولا والحاصل أن للطفل سدس التركة اثنان وينوب الذي وافقه الطفل ثلثها أربعة في المثال المذكور وينوب الذي لم يوافقه نصفها وهو ستة في المثال المذكور ( قوله وإنما لم يشارك الصغير ) أي بحيث يشتركان في النصف سوية ( قوله لأنه حين الموت قد استحق إلخ ) عبارة غيره لأنه حين الموت قد استحق كل من أصحاب الجهتين الثلث ولا ينقص عنه وإنما وقف للصغير الثلث لأنه لم يحكم بإسلامه وربما ادعى جهة في الأصل ثالثة ولم يعطه لأنه لما وافق المسلم مثلا كانا جهة واحدة فيكمل لتلك الجهة من الثلث الموقوف النصف فيأخذ ذلك الطفل كمالة النصف وتستحق الجهة الأخرى باقي النصف وهو السدس فيرد عليها من الثلث الموقوف كمالة النصف ( قوله وإن مات الطفل إلخ ) أي وأما لو مات أحد الولدين البالغين قبل بلوغ الطفل فإن كان له ورثة معروفون فهم أحق بميراثه وإن لم يكن له ورثة وقفت تركته فإذا كبر الصغير ووافقه أخذها ( قوله وقسم نصيب الطفل بينهما ) استشكل هذا ابن عاشر بأن فيه ميراثا مع الشك في موافقته لهما في الدين إذ يمكن أن يكون موافقا لأحدهما في الدين وأن يكون مخالفا لهما وأجيب بأنه لا شك هنا لأن كلا منهما يدعي تبعية أخيه لدين أبيه الذي ادعاه له نعم يبقى النظر كما قاله المسناوي إذا كان لهذا الصغير وارث غيرهما كأم فتدبر ا هـ بن ( قوله فيعطيه نصف ما بيده ) أي وهو الربع فيصير بيد الطفل ربعان وذلك نصف المال ويصير بيد كل واحد من البالغين ربع المال وذلك نصفه الآخر




الخدمات العلمية