الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وجاز ) عقد الكتابة [ ص: 390 ] ( بغرر ) إن لم يشتد الغرر بأن يقدر على تسليمه في الجملة قياسا على الخلع لا النكاح إذ الأصل في العتق أن يكون مجانا فلا يضر كونه على شيء مترقب الوجود ( كآبق ) وبعير شارد وثمر لم يبد صلاحه ( وجنين ) لحيوان ناطق أو غيره ( وعبد فلان ) وهو غير آبق وإلا فلا لاشتداد الغرر ( لا لؤلؤ ) جمع لؤلؤة ( لم يوصف ) فلا يجوز ولا تصح الكتابة عليه لشدة الغرر لعدم الإحاطة بصفة اللؤلؤ ( أو كخمر ) أو خنزير ; لأنه غير متمول فلا تجوز الكتابة به ( ورجع ) إن وقعت بالخمر ونحوه ( لكتابة مثله ) .

وأما باللؤلؤ الذي لم يوصف فباطلة ولا يرجع فيه لكتابة مثله على الأرجح ( و ) جاز لسيده ( فسخ ما عليه ) أي على المكاتب من نجوم الكتابة ( في مؤخر ) أي في شيء يتأخر قبضه كمنافع دار أو دابة يستوفي النجوم من أجرتها لتشوف الشارع للحرية ( أو كذهب ) يؤخذ ( عن ورق ) كوتب به ( وعكسه ) مؤجلا للتشوف المذكور وكذا يجوز ضع وتعجل وبيع طعام من نجوم الكتابة قبل قبضه ( و ) جاز ( مكاتبة ولي ) أب أو غيره ( ما ) أي رقيقا ( لمحجوره ) صبي أو سفيه أو مجنون ( بالمصلحة ) وإلا لم يجز وأشعر قوله مكاتبة إن عتقه على مال معجل لم يجز لعدم المصلحة إذ لو شاء لانتزعه له

التالي السابق


( قوله : بغرر ) أي حالة كونه ملتبسا بعوض ذي غرر أي محتمل لأن يتم أو لا يتم ( قوله : وثمر لم يبد صلاحه إلخ ) لا بد من كون الآبق وما بعده وهو البعير والثمر في ملك المكاتب وإلا لم يجز ولا يعتق المكاتب إلا بعد قبض السيد لما ذكر من الآبق وما معه ( قوله : وجنين ) أي أمه في ملك المكاتب وإلا لم يجز وظاهر قوله جنين أنه سبق له وجود قبل الكتابة ; لأنه قبل وجوده لا يسمى جنينا فلو كاتبه على ما تحمل به أمته لمنع وانظر هل الجنين لا يحصل العتق إلا بقبض السيد له أو يقال : إنه دخل في ملك السيد بالعقد فضمانه منه ولو نزل ميتا واستظهر بعضهم الأول ( قوله : وإلا فلا ) أي وإلا فلا يجوز ولم يصح وإذا كان غير آبق فعلى المكاتب تحصيله من فلان ولا يعتق إلا بعد قبض السيد له ( قوله : لا لؤلؤ لم يوصف ) أي وأولى منه في عدم الجواز كتابته على ما في يده من غير أن يعلم هل هو متمول أم لا ; لأن الغرر في هذا أشد من الغرر في اللؤلؤ الذي لم يوصف ولا وجه لتنظير عبق في ذلك انظر بن .

( قوله : ولا تصح الكتابة عليه ) أي فإذا وقع ونزل فسخت كما هو ظاهر المدونة خلافا لأشهب القائل لا تجوز الكتابة بلؤلؤ لم يوصف وإذا وقعت به مضت بكتابة المثل قاله ابن مرزوق وحينئذ فقول المصنف الآتي ورجع إلخ ليس راجعا لهذه ( قوله : أو كخمر إلخ ) أي سواء كان الخمر مما يمتلكه العاقد إن عند عقد الكتابة كمكاتبة ذمي عبده الذمي بخمر ثم أسلما أو أسلم أحدهما أو كان لا يتملكه العاقدان ككونهما أو أحدهما مسلما عند عقدها ( قوله : ورجع لكتابة مثله ) محل ذلك إذا كانت الكتابة بالخمر من كافرين ثم أسلما أو أحدهما ، وأما إن وقعت بالخمر وأحدهما مسلم أو هما بطلت بالكلية ولا يرجع لكتابة المثل ومحله أيضا إذا وقعت على خمر موصوف في الذمة ، فإن وقعت على معين بطلت بالكلية ولا يرجع لكتابة المثل لكن عزا بعضهم لأبي الحسن أنه يخرج حرا في هذه ولا يتبع بشيء وانظره ومحله أيضا إذا كان العبد لم يؤد شيئا من الخمر قبل الإسلام ، وأما إن أدى بعضه قليلا كان أو كثيرا قبل الإسلام ثم أسلما أو أحدهما ، فإن السيد إنما يرجع عليه بنصف كتابة مثله ، فإن أداه كله قبل إسلام أحدهما ثم أسلما أو أحدهما خرج حرا ولا يتبع بشيء .

( قوله : على الأرجح ) أي خلافا لأشهب كما علمت .

( قوله : وجاز لسيده فسخ ما عليه في مؤخر ) أي فليست الكتابة كغيرها من الديون الثابتة في الذمة ، فإنه يمتنع فسخها في شيء يتأخر قبضه وقد أشار الشارح للفرق بقوله لتشوف الشارع للحرية ( قوله : مؤجلا ) أي وأما إن أراد السيد أن يأخذ منه حالا في نظير ما عليه من المؤجل فلا فرق بين الكتابة وغيرها في الجواز .

( قوله : وكذا يجوز ضع إلخ ) وذلك بأن يتعجل ما على العبد من نجوم الكتابة على أن يضع عنه بعض ذلك ( قوله : وبيع طعام إلخ ) أي بأن يبيع السيد الطعام الذي كاتبه به قبل أن يقبضه منه وكما يجوز ما ذكر في الكتابة يجوز فيها أيضا سلف جر نفعا للمقرض كأن يسلف المكاتب شيئا لسيده لأجل أن يسقط عنه شيئا من الكتابة وظاهر المصنف والشارح جواز ما ذكره كل منهما ، وإن لم يجعل السيد العتق وهو قول مالك وابن القاسم وقال سحنون لا يجوز شيء مما ذكر إلا إذا عجل عتقه .

( قوله : أو غيره ) أي كوصي ومقدم قاض ( قوله : ما لمحجوره ) أتي بما التي لغير العاقل تنزيلا للرقيق منزلة ما لا يعقل لعدم تمام تصرفه ( قوله بالمصلحة ) أي المستوية في الكتابة وعدمها ، فإن انفردت المصلحة في أحدهما وجب




الخدمات العلمية