الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وزعم لو جامعها وهو يعلم بحملها ، فلما وضعت تركها تسعا وثلاثين ليلة وهي في الدم معه في منزله ، ثم نفى الولد معه كان ذلك له فيترك ما حكم به - صلى الله عليه وسلم - للعجلاني وامرأته وهي حامل من اللعان ونفي الولد عنه كما قلنا ، ولو لم يكن ما قلنا سنة كان يجعل السكات في معرفة الشيء في معنى الإقرار ، فزعم في الشفعة إذا علم فسكت فهو إقرار بالتسليم ، وفي العبد يشتريه إذا استخدمه رضي بالعيب ولم يتكلم ، فحيث شاء جعله رضا ، ثم جاء إلى الأشبه بالرضا والإقرار فلم يجعله رضا ، وجعل صفته عن إنكاره أربعين ليلة كالإقرار وأباه في تسع وثلاثين ، فما الفرق بين الصمتين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها أن يؤخر الزوج نفي الحمل حتى تضع ، فله أن يعجل نفي الولد بعد الوضع وعلى الفور ، فإن أخر نفيه مع القدرة على التعانه لعن به ولم يكن له نفيه وقال أبو حنيفة ، ومحمد : القياس أن يكون نفيه على الفور ، وله أن يؤخر نفيه يوما أو يومين استحسانا .

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف : له نفيه في مدة النفاس إلى أربعين يوما ، وليس له نفيه بعدها .

                                                                                                                                            وقال مجاهد ، وعطاء : له نفيه على التراخي متى شاء ، وهذا خطأ ؛ لأن خيار نفيه لعيب دخل على فراشه فجرى مجرى خيار العيوب المستحقة على الفور ؛ لأنه لو قدر بمدة لوجب أن يقدر بالشرع دون الاستحسان ، ولأن الثلاث في الخيار حد مشروع وليس بمعتبر في خيار نفيه فأولى أن لا يعتبر ما سواه ، لأن مدة النفاس بعض أحوال الولادة فلم يكن اعتبارها في خيار نفيه بأولى من مدة الحمل في أقله أو أكثره أو بمدة رضاعه ، فإن قيل : فلم كان نفيه في الحمل على التراخي وبعد الولادة على الفور ؟ قيل : لأنه قبل الولادة مظنون وبعدها متيقن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية