الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو ادعى أن له البينة على إقرارها بالزنا فسأل الأجل لم أؤجله إلا يوما أو يومين ، فإن جاء بها وإلا حد أو لاعن " . قال الماوردي : وهو كما قال ؛ لأنا لو لم نؤجله لإحضار البينة لتعذرت عليه لوقته ؛ لأن الشهود في الأغلب غير حضور ، ولو عوجل بالحد مع إمكان البينة لصار [ ص: 143 ] مظلوما ، ولو مد له في الإمهال ، ولم يقدر له الانتظار لصار المقذوف في تأخير حد وجب له مظلوما وكان لكل قاذف أن يسقط الحد عن نفسه بادعاء البينة ؛ فلما امتنع الطرفان لئلا يتوجه ظلم في أحدهما ، وجب الفصل بينهما بتوسط الطرفين في حفظ الحقوق ، فكان الإنظار بثلاثة أيام هي أكثر القليل وأقل الكثير ؛ عدلا بينهما في وصول كل واحد منهما إلى حقه ؛ لما ذكرنا في قوله تعالى : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام [ هود : 65 ] ولخبر " المصراة " وخبر حبان بن منقذ في بيع خيار ثلاثة أيام . فلأجل ذلك أنظر القاذف بالبينة ثلاثة أيام ، فإن جاء بها وإلا حد أو لاعن ، وقول الشافعي رضي الله عنه : لم أؤجله إلا يوما أو يومين غير مانع من تأجيله في الثالث ؛ لأنه في حكم الثاني والأول ، وإنما قاله في وجه التقريب في الحد ، فإن سألت المقذوفة حبسه في الثلاث حبس ، فإن قال : لست أقدر على إحضار البينة إن حبست ، أخرج من الحبس ملازما ليحفظ بالملازمة ، ويملكه إحضار البينة بالإفراج .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية