الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والشرط الخامس : اجتماع الأبوين في وطن واحد لا يختلف بهما بلد ليتساويا في الولد ويتساوى بهما حال الولد ، فإن سافر أحدهما فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون سفر الحاجة إذا أنجزت عاد ، فالمقيم منهما أبا كان أو أما أحق بكفالته ابنا كان أو بنتا : لأن المقام أودع والسفر أخطر .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون سفره لنقلة يستوطن فيها بلدا غير بلد الآخر ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مسافة ما بين البلدين قريبة لا يقصر في مثلها الصلاة : لأنها أقل من يوم وليلة ، فلا يمنع من الكفالة ولا يسقط به تخيير الابن سواء انتقل أبوه أو أمه ، ويخير بينهما ، فأيهما اختاره كان أحق بكفالته سواء اختار المقيم منهما أو المتنقل أبا كان أو أما : لأن قرب المسافة كالإقامة في انتفاء أحكام السفر وجرى ذلك مجرى البلد الواسع إذا تباعدت ، فحاله لم يمنع التنقل فيه من استحقاق الكفالة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون مسافة ما بين البلدين بعيدة يقصر في مثلها الصلاة ، فالأب أحق بكفالة ولده لحفظ نسبه من الأم ، سواء كان هو المقيم أو المنتقل .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن انتقل الأب فالأم أحق بكفالته وإن انتقلت الأم نظر في انتقالها ، فإن كانت من قرية إلى بلد كانت الأم أحق بكفالته ، وإن كان انتقالها من بلد إلى قرية كان الأب أحق بكفالته ، لفضل البلدان على القرى بما فيها من صحة الأغذية وظهور التأديب وصحة التعليم والتقويم ، وهذا فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لو كان هذا المعنى معتبرا في انتقال الأم لوجب اعتباره في انتقال الأب .

                                                                                                                                            والثاني : أن حفظ نسبه الذي لا يقدر على اكتسابه أولى بالتقديم والاعتبار مما يقدر على اكتسابه من العلوم والآداب .

                                                                                                                                            فهذه الشروط الخمسة التي يشترك الأبوان في اعتبارهما فيهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية