الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 68 ] باب الهمزة والخاء وما معهما في الثلاثي

                                                          ( أخذ ) الهمزة والخاء والذال أصل واحد تتفرع منه فروع متقاربة في المعنى . [ أما ] أخذ فالأصل حوز الشيء وجبيه وجمعه . تقول أخذت الشيء آخذه أخذا . قال الخليل : هو خلاف العطاء ، وهو التناول . قال : والأخذة رقية تأخذ العين ونحوها . والمؤخذ : الرجل الذي تؤخذه المرأة عن رأيه وتؤخذه عن النساء ، كأنه حبس عنهن . والإخاذة - وأبو عبيد يقول الإخاذ بغير هاء - : مجمع الماء شبيه بالغدير . قال الخليل : لأن الإنسان يأخذه لنفسه . وجائز أن يسمى إخاذا ، لأخذه من ماء . وأنشد أبو عبيد وغيره لعدي بن زيد يصف مطرا :


                                                          فآض فيه مثل العهون من الروض وما ضن بالإخاذ غدر

                                                          وجمع الإخاذ أخذ . قال الأخطل :


                                                          فظل مرتبئا والأخذ قد حميت     وظن أن سبيل الأخذ مثمود

                                                          وقال مسروق بن الأجدع : " ما شبهت بأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا الإخاذ ، تكفي الإخاذة الراكب وتكفي الإخاذة الراكبين [ ص: 69 ] وتكفي الإخاذة الفئام من الناس " . ويستعمل هذا القياس في أدواء تأخذ في الأشياء ، وفي غير الأدواء ، إلا أن قياسها واحد . قال الخليل : الآخذ من الإبل الذي أخذ فيه السمن ، وهن الأواخذ . قال : وأخذ البعير يأخذ أخذا فهو أخذ ، خفيف ، وهو كهيئة الجنون يأخذه ، ويكون ذلك في الشاء أيضا . فإن قال قائل : فقد مضى القياس في هذا البناء صحيحا إلى هذا المكان فما قولك في الرمد ، فقد قيل : إن الأخذ الرمد والأخذ الرمد ؟ قيل له : قد قلنا إن الأدواء تسمى بهذا لأخذها الإنسان وفيه . وقد قال مفسرو شعر هذيل في قول أبي ذؤيب :


                                                          يرمي الغيوب بعينيه ومطرفه     مغض كما كسف المستأخذ الرمد

                                                          يريد أن الحمار يرمي بعينيه كل ما غاب عنه ولم يره ، وطرفه مغض ، كما كسف المستأخذ الذي قد اشتد رمده أي اشتد أخذه له ، واستأخذ الرمد فيه فكسف نكس رأسه ، ويقال : غمض . فقد صح بهذا ما قلناه أنه سمي أخذا لأنه يستأخذ فيه . وهذه لفظة معروفة ، أعني استأخذ ، قال ابن أبي ربيعة :


                                                          إليهم متى يستأخذ النوم فيهم     ولي مجلس لولا اللبانة أوعر

                                                          فأما نجوم الأخذ فهي منازل القمر ، وقياسها ما قد ذكرناه ، لأن القمر يأخذ كل ليلة في منزل منها . قال شاعر :

                                                          [ ص: 70 ]

                                                          وأخوت نجوم الأخذ إلا أنضة     أنضة محل ليس قاطرها يثري

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية