الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو طلقها وهو خفي الغيبة أو ألى منها أو تظاهر أو قذفها لزمه ما يلزم الزوج الحاضر . قال الماوردي : وجملته أنه لا يخلو ما فعله الزوج في غيبته التي خفي فيها خبره من طلاق ، وظهار ، وإيلاء وقذف من أحد أمرين : إما أن يكون قبل تفريق الحاكم بينه وبين زوجته ، أو بعده ، فإن كان ذلك قبله فكل ذلك نافذ يلزمه الطلاق ، والظهار ، وتجب فيه الكفارة بالعود ويؤخذ بحكم الإيلاء ووقف المدة ، ويلزمه القذف وله نفيه باللعان ، ويكون فعله لذلك في غيبته كفعله في حضوره ، وإن كان ذلك منه بعد تفريق الحاكم بينه وبين زوجته بعد أربع سنين وأربعة أشهر وعشر فهو مبني على ما ذكرناه من القولين ، فإن قيل بقوله في الجديد إنها موقوفة على الزوج أبدا حتى يتبين يقين موته ، فحكم الحاكم بالفرقة قد بطل ؛ لأنه قد كان تيقن حياته فصار كحكمه مجتهدا إذا خالف فيه نصا ، ولا يكون على ما ذكرنا من الوجهين في نقض حكمه ؛ لأن الوجهين في نقضه مع بقاء الإشكال لا مع ارتفاعه ، فعلى هذا يؤخذ بحكم طلاقه ، وظهاره ، وإيلائه وقذفه . وإن قيل : بقوله في القديم إن الفرقة واقعة بحكم الحاكم كان على وجهين من اختلاف الوجهين في نفوذ حكمه ظاهرا وباطنا . فإن قيل : إن حكمه قد نفذ في الظاهر دون الباطن كان حكمه إذا بانت حياة الزوج باطنا ، والزوج مأخوذ بحكم طلاقه وظهاره وإيلائه ولعانه وقذفه ، وإن قيل : إن حكمه قد [ ص: 320 ] نفذ في الظاهر والباطن صح حكمه مع حياة الزوج وموته ، ولم يقع طلاقه ولا ظهاره ، ولا إيلاؤه ويحد من قذفه ولا يلتعن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية