الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من القولين ، فإن قيل بالأول إنه لا ضمان على الوكيل من قود ولا عقل فقتل الوكيل للجاني يكون قودا ويكون عفو الموكل باطلا . واختلف أصحابنا على هذا القول في الوكيل هل تلزمه الكفارة أم لا : على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا كفارة عليه ، لأنه قد أجرى على قتله حكم استيفائه قودا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : عليه الكفارة كمن رمى دار الحرب فقتل مسلما ضمنه وكفر عنه .

                                                                                                                                            وإن قيل بالقول الثاني إن الوكيل ضامن للدية ، فعفو الموكل صحيح وحقه في الدية إذا استوجبها على ما مضى من التفصيل مستحق على الجاني قاتل أبيه يرجع بها في ماله ولا يرجع بها على وكيله ، ويرجع أولياء القاتل المقتول بديته على الوكيل ، وهل تكون حالة في مال الوكيل أو مؤجلة على عاقلته ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق : تكون حالة في ماله مع الكفارة ، لأنه عامد في فعله وإنما سقط القود فيه بشبهته .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة تكون مؤجلة على عاقلته والكفارة في ماله ، لأنه قتله معتقدا لاستباحة قتله فصادف الحظر : فصار خاطئا فإذا أغرم الوكيل الدية ففي رجوعه على موكله بها قولان ، كالزوج المغرور إذا أغرم مهر المثل بالغرور هل يرجع به على الغارم أم لا ؟ على قولين ، لأن الموكل قد صار بعفوه غارا [ ص: 115 ] للوكيل حين لم يعلمه بعفوه ، وسواء كان هذا الوكيل مستعملا أو متطوعا ، وهكذا الحكم في الأطراف إذا اقتص منها الوكيل بعد العفو .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية