الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي الجفون إذا استؤصلت الدية وفي كل [ ص: 257 ] واحد منهما ربع الدية لأن ذلك من تمام خلقته وما يألم بقطعه .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما جفون العينين فهي أربعة تحيط بالعينين من أعلى وأسفل ، وتحفظهما من الأذى ، وتجلب إليهما النوم ، ويكمل بهن جمال الوجه والعين ، وفيها إذا استؤصلت الدية تامة .

                                                                                                                                            وقال مالك : فيها حكومة ، لأن مقادير الديات موقوف على النص وليس فيها نص ، ولأنها تبع للعينين فلم تجب فيها الدية الواجبة في العينين ، لأن حكم التبع أخف من حكم المتبوع .

                                                                                                                                            ودليلنا ما رواه بعض أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتاب عمرو بن حزم : وفي الجفون إذا استوصلت الدية وليس بمشهور عند أصحاب الحديث ، ولأنها من تمام الخلقة فيها منفعة وجمال تألم بقطعها ويخاف على النفس من سراية الجناية عليها ، فوجب أن تكمل الدية فيها كسائر الأعضاء ولا يمتنع ، وإن كانت تبعا أن تساوي متبوعا في الدية إذا اختصت بزيادة جمال ومنفعة كالأنف في الشم ، والأذنين في السمع ، فإذا ثبت أن فيها الدية فسواء استوصلت من صغير أو كبير أو بصير ، لأن للضرير بها منفعة وجمالا وإن كانت منفعة البصر بها أعم .

                                                                                                                                            فأما القود فإن أمكن فيها ولم يتعد ضرره إلى العينين وجب وإن لم يمكن سقط ، فإن قلع جفنا واحدا ففيه ربع الدية ، لأن كل ذي عدد من الأعضاء إذا كملت فيه الدية تقسطت على عددها كاليدين في تقسيط ديتها على الأصابع ، وتقسط دية الإصبع على الأنامل ، وسواء كان الجفن أعلى أو أسفل ، وفي الجفنين نصف الدية ، وفي ثلاثة جفون ثلاثة أرباع الدية ، فلو جنى على عينيه فقطع جفونهما وأذهب بصرهما لزمته ديتان .

                                                                                                                                            إحداهما : في الجفون .

                                                                                                                                            والأخرى : في العينين ، كما لو قطع أذنيه وأذهب سمعه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية