الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 122 ] مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو قطع يد رجل وقتل آخر قطعت يده باليد وقتل بالنفس .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا قطع الجاني يد رجل ، ثم قتل آخر قطعت يده للأول ، وقتل للثاني .

                                                                                                                                            وقال مالك : يقتل بالثاني ويدخل فيه القطع ، لأن القتل أعم فاستوعب الحقين ولأن الغرض إفاتة نفسه والزيادة عليه ومثله ولأنه لو وجب عليه القطع في السرقة والقتل في الردة قتل بالردة ودخل فيه قطع السرقة ، كذلك في الجناية على اليد وعلى النفس ، يجب أن يدخل قطع اليد في قتل النفس ، وهذا خطأ لقول الله تعالىوجزاء سيئة سيئة مثلها وقال تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ، فوجب أن يجازى بالأمرين ، ويستوفى منه الحقان ، ولأن القطع والقتل حقان لشخصين ، فلم يجز أن يتداخلا كالديون وسائر الحقوق ، ولأنه لما امتنع تداخلهما في الدية امتنع تداخلهما في القود ، ولأن الخطأ أخف من العمد وهما لا يتداخلان في الخطأ فكان أولى أن لا يتداخلا في العمد فبطل به الاستدلال الأول ، ولا يكون نكالا ومثله ، لأنه جزاء ، فاجتماع قطع السرقة وقتل الردة فقد اختلف أصحابنا في تداخلهما على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يتداخلان ويستوفيان ، فيقطع بالسرقة ويقتل بالردة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يتداخلان ، لأنهما من حقوق الله تعالى ، فجاز تداخلهما ، وحقوق الآدميين لا تتداخل ، وهكذا اختلف أصحابنا فيمن زنا بكرا ثم زنا ثيبا ، هل يدخل الجلد في الرجم مع اختلافهما في الحكم واتفاقهما في الموجب على وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية