الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الأنثيان وهما الخصيتان ففيهما الدية ، لأنهما من تمام الخلقة وهما محل التناسل ، لانعقاد مني الصلب في يسراهما إذا نزل إليها فصار لقاحا فيهما ، ولأن الحياة محلهما ، ولذلك كان عصر الأنثيين مفضيا إلى التلف ، ولا فرق في الأنثيين بين قطعهما من كبير أو صغير ، عنين وغير عنين ، سواء كان باقي الذكر أو مجبوبا ، لأن جب الذكر نقص في غيره ، وأوجب مالك في أنثيي المجبوب الذكر حكومة ، لأن جب الذكر قد أثر في نقص الأنثيين بعدم النسل ، وهذا فاسد بما قدمناه من أنه نقص في غيره فلم يؤثر فيه مع سلامته ، وفي إحدى الأنثيين نصف الدية ، ولا فضل ليسرى على يمنى .

                                                                                                                                            وحكي عن سعيد بن المسيب أنه أوجب في البيضة اليسرى ثلثي الدية ، وفي اليمنى ثلثها ، لأن محل المني في اليسرى ، ومحل الشعر في اليمنى ، وهذا قول فاسد ، لأن كل عضوين كملت فيهما الدية تنصفت في كل واحد منهما على سواء ، وإن اختلفت منافعهما كاليدين ، وعلى أن ما ذكره من لقاح اليسرى مظنون بما ذكره الطب .

                                                                                                                                            [ ص: 299 ] وقد حكي عن عمرو بن شعيب أنه قال : عجبت من يفضل البيضة اليسرى على اليمنى : لأن النسل منها ، كان لنا غنم فخصيناها من الجانب الأيسر فكن يلقحن .

                                                                                                                                            فإن قطع الذكر مع الأنثيين لزمه ديتان إحداهما في الذكر والأخرى في الأنثيين سواء قطعهما معا أو قطع إحداهما بعد الأخرى ، سواء قدم قطع الذكر أو قطع الأنثيين .

                                                                                                                                            وقال مالك : إن قطعهما معا ففيه الدية وحكومة ، وإن قطع الذكر ثم الأنثيين وجب دية في الأنثيين وحكومة في الذكر .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن قطعهما معا أو قطع الذكر ثم الأنثيين فعليه ديتان كما قلنا ، وإن قطع الأنثيين أولا ثم الذكر فعليه دية في الأنثيين وحكومة في الذكر كما قال مالك .

                                                                                                                                            وهذا خطأ : لأن كل ما كملت فيه الدية إذا انفرد لم تنقص ديته إذا اقترن بغيره كاليدين مع الرجلين ، أو قطع الأذنين مع ذهاب السمع .

                                                                                                                                            وعلى قول أبي حنيفة : إن كل عضوين كملت ديتاهما إذا اجتمعا كملت ديتاهما إذا افترقا كما لو قدم قطع الذكر ، وهكذا لو وجأ ذكره حتى استحشف ووجأ أنثييه حتى استحشفتا وجب في كل واحد منهما دية كاملة ، لأنه قد أذهبت منافعهما بالاستحشاف والشلل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية