الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن ثبتت جناية الخطأ بالبينة وجبت الدية على العاقلة ، وفي وجوبها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وجبت عليهم ابتداء من غير أن يتوجه وجوبها على الجاني .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنها وجبت على الجاني ثم تحملتها العاقلة عنه ، وعاقلته عصبته ، فإن عدموا فجميع المسلمين في بيت مالهم ، لأن دين الحق قد عقد الموالاة بينهم فصار المسلم لا يعدم عصبة ، وإذا كان كذلك لم يخل مخرج عفوه من أن يكون وصية أو إبراء فإن كان وصية على ما ذكرنا فلا يخلو حالها من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يجعلها للعاقلة فيقول : قد وصيت بها وبما يحدث منها لعاقلته فتصح هذه الوصية في ثلثه إذا احتملها ، وتبرأ العاقلة منها ، سواء أجيزت الوصية للقاتل أو ردت ، لأن العاقلة غير قتلة .

                                                                                                                                            [ ص: 206 ] والقسم الثاني : أن يجعلها للقاتل فيقول : قد وصيت بها وبما يحدث منها للجاني فإن ردت الوصية للقاتل وجبت الدية على العاقلة لورثة المقتول ، فإن أجيزت الوصية للقاتل فإن له استيفاءها من عاقلته ، لأنها وصية له بما عليهم ، سواء قيل بوجوبها عليهم تحملا أو ابتداء ، لأنهم تحملوها ساعة وجوبها عليه من غير مهلة فصارت الوصية بها بعد استحقاقها عليهم .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يجعل الوصية بها مطلقة فيقول قد وصيت بها وما يحدث منها ، ولا يسمى الموصي له بها ، فهذه وصية باطلة ، لأنها لغير مسمى ، وللورثة استيفاؤها من العاقلة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية