الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ومن في الديوان ومن ليس فيه منهم سواء قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على العاقلة ولا ديوان في حياته ولا في حياة أبي بكر ولا صدر من ولاية عمر رضي الله عنه .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا قاله الشافعي ردا على أبي حنيفة ، لأنه أوجبها على من شاركه في ديوانه تدفع من أعطياتهم ، سواء كانوا عصبة أو لم يكونوا ، فإن لم يكن له ديوان قسمت حينئذ على عصبته احتجاجا بأن عمر بن الخطاب دون الدواوين وجعل العقل على أهل الديوان من أعطياتهم ، ولأن أهل الديوان بالنصرة أحق فكانوا بتحمل العقل أحق ، وذهب الشافعي إلى أنها على العصبة ، سواء كان في الديوان أو لم يكن ، [ ص: 347 ] وسواء كانت عصبته معه في الديوان أو لم تكن : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بدية المقتولة على عاقلة القاتلة ولم يكن على عهده ديوان .

                                                                                                                                            وكذلك قضى أبو بكر - رضي الله عنه - بالدية على العاقلة ولم يكن في خلافته ديوان ، وكذلك في صدر من أيام عمر إلى أن أحدث الديوان في آخر أيامه لتميز القبائل وترتيب الناس في العطاء ، فلم يجز العدول به عما كان في أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غيره من أمر حدث بعده ، لأنه يكون نسخا ، والنسخ مرتفع بعد موت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ولأن كل حكم تعلق بالتعصيب مع عدم الديوان ، تعلق به مع وجود الديوان كالميراث وولاية النكاح ، ولأنها جناية يتحمل عقلها فوجب أن يختص بها العصبات كالذي لا ديوان له ولأن كل سبب لا يستحق به الميراث لم يتحمل به العقل كالجوار ولأن عدم العقل في مقابلة غنم الميراث ليكون غانما وغارما ولا يجتمع هذا إلا في العصبات ، ولذلك انتقل عنهم العقل إذا عدموا إلى بيت المال لانتقال ميراثه إليه ، ولا يعقل بيت المال عن الكافر ، لأن ماله يصير إليه فيئا لا ميراثا وفيما ذكرنا انفصال وبالله التوفيق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية