الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه أول )

                                                                                                                              من أفراد قولنا أو لمثبته إلخ إيمان فرعون الذي زعمه قوم فإنه لا قطع على عدمه بل ظاهر الآية وجوده وألف فيه مع الاسترواح في أكثره بعض محققي المتأخرين من مشايخ مشايخنا ومما يرد عليه أن الإيمان عند يأس الحياة بأن وصل لآخر رمق كالغرغرة وإدراك الغرق في الآية من ذلك كما هو واضح خلافا لمن نازع فيه لا يقبل كما صرح به أئمتنا وغيرهم وهو صريح قوله تعالى { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } وبما تقرر علم خطأ من كفر القائلين بإسلام فرعون ؛ لأنا ، وإن اعتقدنا بطلان هذا القول لكنه ، وإن وردت به أحاديث وتبادر من آيات أولها المخالفون بما لا ينفع غير ضروري ، وإن فرض أنه مجمع عليه بناء على أنه لا عبرة بخلاف أولئك إذ لم يعلم أن فيهم من بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق .

                                                                                                                              ( تنبيه ثان )

                                                                                                                              ينبغي للمفتي أن يحتاط في التكفير ما أمكنه لعظيم خطره وغلبة عدم قصده سيما من العوام وما زال أئمتنا على ذلك قديما وحديثا بخلاف أئمة الحنفية فإنهم توسعوا بالحكم بمكفرات كثيرة مع قبولها التأويل بل مع تبادره منها ثم رأيت الزركشي قال عما توسع به الحنفية إن غالبه في كتب الفتاوى نقلا عن مشايخهم وكان المتورعون من متأخري الحنفية ينكرون أكثرها ويخالفونهم ويقولون هؤلاء لا يجوز تقليدهم لأنهم غير معروفين بالاجتهاد ولم يخرجوها على أصل أبي حنيفة لأنه خلاف عقيدته إذ منها أن معنا أصلا محققا ، هو الإيمان فلا نرفعه إلا بيقين فليتنبه لهذا وليحذر ممن يبادر إلى التكفير في هذه المسائل منا ومنهم فيخاف عليه أن يكفر ؛ لأنه كفر مسلما ا هـ ملخصا قال بعض المحققين منا ومنهم وهو كلام نفيس وقد أفتى أبو زرعة من محققي المتأخرين فيمن قيل له اهجرني في الله فقال هجرتك لألف الله بأنه لا يكفر إن أراد لألف سبب أو هجرة لله تعالى وإن لم يكن ذلك ظاهرا للفظ حقنا للدم بحسب الإمكان لا سيما إن لم يعرف قائله بعقيدة سيئة لكن يؤدب على إطلاقه لشناعة ظاهره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من أفراد إلخ ) خبر مقدم لقوله إيمان فرعون وقوله فإنه إلخ علة لهذه الجملة ( قوله : فيه ) أي وجود إيمان فرعون ( قوله : في أكثره ) أي أكثر مواضع هذا التأليف ( قوله : بعض محققي المتأخرين ) كأنه يشير إلى الجلال الدواني ا هـ سيد عمر ( قوله : ومما يرد ) من الرد وقوله عليه أي على البعض ( قوله : وإدراك الغرق في الآية من ذلك ) جملة اعتراضية والإشارة إلى الوصول لآخر رمق أو إلى يأس الحياة ( قوله : فيه ) أي في قوله وإدراك الغرق إلخ ( قوله : لا يقبل ) خبر قوله أن الإيمان إلخ ( قوله : وهو ) أي عدم القبول عند اليأس ( قوله : وبما تقرر ) أي بقوله من أفراد قولنا أو لمثبته إلخ إيمان فرعون إلخ ( قوله : بطلان هذا القول ) أي القول بإسلام فرعون ( قوله : لكنه ) أي كفر فرعون وكذا ضمير به ( قوله : أولها المخالفون إلخ ) هذه الجملة صفة للأحاديث والآيات وقوله غير ضروري خبر لكنه ( قوله : أنه ) أي كفر فرعون ( قوله : بناء على إلخ ) راجع إلى قوله مجمع عليه وقوله بخلاف أولئك أي المخالفين المؤولين وقوله إذ لم يعلم إلخ علة عدم العبرة ( قوله : عما توسع إلخ ) لعل عن بمعنى في ( قوله : أكثرها ويخالفونهم ) أي كتب الفتاوى وقوله هؤلاء أي مشايخهم ( قوله : ولم يخرجوها ) أي الفتاوى




                                                                                                                              الخدمات العلمية