الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              استأجره لجذاذ أو حفر نحو بئر أو معدن فسقط أو انهارت عليه لم يضمنه وبحث بعضهم أنه لو علم المستأجر فقط أنها تنهار بالحفر ضمنه ويرد بأنه لا تغرير ولا إلجاء فالمقصر هو الأجير وإن جهل الانهيار ( وما تولد ) من فعله في ملكه كالعادة لا يضمنه كجرة سقطت بالريح أو ببل محلها وحطب كسره بملكه فطار بعضه فأتلف شيئا ودابة ربطها فيه فرفست إنسانا خارجه وإن لم يأذن فيه الإمام لأنه لا نظر له في الملك أولا كالعادة كالمتولد من نار أوقدها بملكه وقت هبوب الريح أو جاوز في إيقادها العادة

                                                                                                                              [ ص: 12 ] أو من سقى أرضه وقد أسرف أو كان بها شق علمه ولم يحتط بشده أو من رشه للطريق لمصلحة نفسه مطلقا أو للمسلمين وجاوز العادة ولم يتعمد المشي عليه مع علمه به يضمنه ويؤخذ من تفصيلهم المذكور في الرش أن تنحية أذى الطريق كحجر فيها إن قصد به مصلحة المسلمين لم يضمن ما تولد منه وهو ظاهر وإلا لترك الناس هذه السنة المتأكدة أو ( من جناح ) أي خشب خارج من ملكه ( إلى شارع ) ولو بإذن الإمام فسقط وأتلف شيئا أو من تكسير حطب في شارع ضيق أو من مشي أعمى بلا قائد وإن أحسن المشي بالعصا كما اقتضاه إطلاقهم أو من عجن طين فيه وقد جاوز العادة أو من حط متاعه به لا على باب حانوته كالعادة ( فمضمون ) لكنه في الجناح على ما يأتي في الميزاب من ضمان الكل بالخارج والنصف بالكل وإن جاز إشراعه بأن لم يضر المارة لأن الارتفاق بالشارع مشروط بسلامة العاقبة وبه يعلم رد قول الإمام لو تناهى في الاحتياط فجرت حادثة لا تتوقع أو صاعقة فسقط بها وأتلف شيئا فلست أرى إطلاق القول بالضمان انتهى وفارق ما مر في البئر بأن الحاجة هنا أغلب وأكثر فلا يحتمل إهداره أما إذا لم يسقط فلا يضمن ما انصدم به ونحوه كما لو سقط وهو خارج إلى ملكه وإن سبل ما تحته شارعا أو إلى ما سبله بجنب داره مستثنيا ما يشرع إليه كما بحث فيهما أو إلى ملك غيره ومنه سكة غير نافذة [ ص: 13 ] بإذن جميع الملاك وإلا ضمن

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وقت هبوب الريح ) بخلافه ما لو .

                                                                                                                              [ ص: 12 ] طرأ هبوبه نعم إن أمكنه حينئذ إطفاؤها فتركه قال الأذرعي و م ر ففي عدم تضمينه نظر . ( قوله وجاوز العادة ) بخلاف ما إذا لم يجاوز العادة ، وإن لم يأذن الإمام فيه كما اقتضاه إطلاق الشيخين وغيرهما ، وإن نقل الزركشي عن الأصحاب أنه لا بد من إذنه كالحفر بالطريق ويفرق على الأول بدوام الحفر وتولد المفاسد منه فتوقف على إذنه بخلافه هنا ش م ر وأقول انظر قوله عن الزركشي كالحفر بالطريق وقوله ويفرق إلخ المقتضي أنه لا بد في الحفر لمصلحة المسلمين من إذن الإمام مع قول المتن السابق أو لمصلحة عامة فلا في الأظهر فلعل هذا بالنسبة للحفر والرش لمصلحة نفسه . ( قوله وجاوز العادة ) قضيته عدم الضمان إن لم يجاوز العادة وإن لم يأذن الإمام وهو قضية كلام الشيخين قال في شرح الروض قال الزركشي لكن الذي صرح به الأصحاب وجوب الضمان إذا لم يأذن الإمام فيه وكان الحفر مع الاتساع لمصلحة المسلمين . ( قوله وفارق ما مر ) تقدم [ ص: 13 ] أنه لا ضمان في حفر البئر لمصلحة نفسه حيث أذن الإمام ولا ضرر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله فرع ) إلى قول المتن ويحل في النهاية ( قوله لو استأجره إلخ ) إجارة صحيحة أو فاسدة أو دعاه ليجذ أو يبني له تبرعا بل لو أكرهه على العمل فيه فانهارت لم يضمن لأنه بإكراهه له لم يدخل تحت يده ولا أحدث فيه فعلا ا هـ ع ش ( قوله لجذاذ إلخ ) أي ونحوه ا هـ نهاية ( قوله كالعادة ) أي فعلا موافقا للعادة ( قوله فيه ) أي ملكه وكذا ضمير خارجه ( قوله فيه ) أي فعله في ملكه ( قوله أولا كالعادة ) عطف على كالعادة أي أو فعلا مخالفا للعادة ( قوله وقت هبوب الريح ) لا إن هبت بعد الإيقاد وإن أمكنه إطفاؤها فلم يفعل فيما يظهر وإن نظر فيه الأذرعي ا هـ قال الرشيدي قوله وقت هبوب الريح أي في مهب الريح ا هـ وقال ع ش قوله لا إن هبت إلخ ويقال بمثل هذا التفصيل فيما لو أوقد نارا في غير ملكه لكن بمحل جرت العادة بالإيقاد فيه كما يقع لأرباب الأرياف من أنهم يوقدون النار في [ ص: 12 ] غيطانهم لمصالح تتعلق بهم وجرت العادة بها ويدل لذلك مفهوم ما ذكره الشارح من الضمان فيما لو كسر حطبا بشارع ضيق وقوله وإن أمكنه إلخ أي أو نهى من يريد الفعل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو من سقي إلخ ) عطف على قوله من نار وقوله أرضه أي أرضا يملك منفعتها ( قوله شق إلخ ) أي يخرج منه الماء ا هـ ع ش ( قوله أو من رشه إلخ ) استطرادي فإنه ليس من الموضوع ( قوله مطلقا ) أي إن لم يجاوز العادة ا هـ ع ش ( قوله أو للمسلمين إلخ ) والضامن المباشر للرش فإذا قال للسقاء رش هذه الأرض حمل على العادة فحيث تجاوز العادة تعلق الضمان به فإن أمر السقاء بمجاوزة العادة في الرش تعلق الضمان بالآمر ولو جهل الحال هل نشأت الزيادة على العادة من السقاء أو الآمر وتنازعا فالأقرب أن الضمان على السقاء لا الآمر إذ الأصل عدم أمره بالمجاوزة كما لو أنكر أصل الأمر ا هـ ع ش وقوله فإن أمر السقاء ظاهر إطلاقه وإن لم يعتقد وجوب امتثال الأمر وفيه توقف فليراجع ( قوله وجاوز العادة ) بخلاف ما إذا لم يجاوز العادة وإن لم يأذن الإمام فيه كما اقتضاه كلام الشيخين وغيرهما وإن نقل الزركشي عن الأصحاب وجوب الضمان إذا لم يأذن الإمام ا هـ نهاية ومال المغني إلى ما نقله الزركشي عن الأصحاب من وجوب الضمان إذا لم يأذن الإمام وإن لم يجاوز العادة ( قوله إن قصد به مصلحة المسلمين إلخ ) أي وذلك لا يعلم إلا منه فيصدق في دعواه ومفهومه أنه إذا قصد مصلحة نفسه أو أطلق ضمنه والظاهر خلافه في الإطلاق لأن هذا الفعل مأمور به فيحمل فعله على امتثال أمر الشارع بفعل ما فيه مصلحة عامة ا هـ ع ش ( قوله ولو بإذن الإمام ) أي وبلا ضرر مغني ونهاية ( قوله في شارع ضيق ) أفهم أنه لا ضمان لما تلف بتكسيره بشارع واسع لانتفاء تعديه بفعل ما جرت به العادة ا هـ ع ش ( قوله بلا قائد ) مفهومه أنه إذا كان بقائد لا ضمان لكن نقل عن الشيخ حمدان في ملتقى البحرين أنه مع القائد يضمن بالأولى ويؤيده ما في سم على منهج في إتلاف الدواب أنه لو ركب دابة فأتلفت شيئا أن الضمان عليه أعمى أو غيره دون مسيرها كما جزم به م ر انتهى ا هـ ع ش ( قوله لكنه في الجناح ) إلى المتن في المغني إلا قوله أما إذا لم يسقط إلى لو سقط ( قوله من ضمان الكل ) أي كل ما تلف بالخارج أي من الجناح والنصف أي ضمان نصف التالف بالكل أي كل الجناح ( قوله لأن الارتفاق إلخ ) يؤخذ منه إن ما يقع من ربط جرة وإدلائها في هواء الشارع أو في دار جاره حكمه حكم ما سقط من الجناح فيضمنه واضع الجرة ا هـ ع ش ( قوله وبه ) أي بذلك التعليل ( قوله لو تناهى إلخ ) أي بالغ فيه وقوله فلست أرى إلخ أي بل أقول بعدم الضمان إذ لا تقصير منه ا هـ ع ش ( قوله وفارق إلخ ) عبارة المغني فإن قيل لو حفر بئرا لمصلحة نفسه بإذن الإمام لم يضمن فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن للإمام الولاية على الشارع فكان إذنه معتبرا حيث لا ضرر بخلاف الهواء لا ولاية له عليه فلم يؤثر إذنه في عدم الضمان ا هـ ( قوله بأن الحاجة إلخ ) أي إن الاحتياج إلى انتزاع المياه ونحوه يكثر في الشوارع فقلما يخلو عنه بيت فلو أهدر لأخر بالمارة بكثرة الجنايات الغير المضمونة بخلاف البئر إذا حفرها لنفسه بإذن الإمام ولم تضر فلا يضمن الواقع فيها لأن حفر البئر نادر في الشوارع كما هو مشاهد ا هـ سيد عمر ( قوله فلا يضمن إلخ ) خلافا للمغني ( قوله ما انصدم به ) أي تلف به ا هـ ع ش ( قوله وإن سبل إلخ ) غاية أي سبله بعد الإشراع وقوله أو إلى ما سبله إلخ أي قبل الإشراع .

                                                                                                                              ( قوله سكة غير نافذة إلخ ) أي وليس [ ص: 13 ] فيها مسجد أو نحوه أما إذا كان فيه مسجد أو نحوه فهو كالشارع كما نبه عليه الأذرعي وغيره مغني وروض ( قوله بإذن جميع الملاك ) أي إذا لم يكن المشرع من أهلها وإلا فبإذن من بابه بعده أو مقابله كما مر في باب الصلح




                                                                                                                              الخدمات العلمية