الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وعكسه ) وهو مسلم له شوكة لا تأويل ( كباغ ) في عدم الضمان لما أتلفه في الحرب أو لضرورتها لوجود معناه فيه من الرغبة في الطاعة ليجتمع الشمل ويقل الفساد لا في تنفيذ قضاء واستيفاء حق أو حد أما مرتدون لهم شوكة فهم كقطاع مطلقا وإن تابوا وأسلموا لجنايتهم على الإسلام ويجب على الإمام قتال البغاة لإجماع الصحابة عليه وكذا من في حكمهم ( و ) لكن ( لا يقاتل البغاة ) أي لا يجوز له ذلك ( حتى يبعث إليهم أمينا ) أي عدلا ( فطنا ) أي ظاهر المعرفة بالعلوم والحروب وسياسة الناس وأحوالهم نعم إن علم ما ينقمونه اعتبر كونه فطنا فيما يظهر ( ناصحا ) لأهل العدل ( يسألهم ما ينقمونه ) ا هـ على الإمام أي يكرهونه منه تأسيا بعلي في بعثه ابن عباس رضي الله عنهم إلى الخوارج بالنهروان فرجع بعضهم إلى الطاعة وكون المبعوث عارفا فطنا واجب إن بعث للمناظرة وإلا فمندوب ( فإن ذكروا [ ص: 71 ] مظلمة ) بكسر اللام وفتحها ( أو شبهة أزالها ) عنهم الأمين بنفسه في الشبهة وبمراجعة الإمام في المظلمة ويصح عود الضمير على الإمام فإزالته للشبهة بتسببه فيه إن لم يكن عارفا وللمظلمة برفعها ( وإن أصروا ) على بغيهم بعد إزالة ذلك ( نصحهم ) ندبا كما ، هو ظاهر بواعظ ترغيبا وترهيبا وحسن لهم اتحاد كلمة الدين وعدم شماتة الكافرين ( ثم ) إن أصروا دعاهم للمناظرة فإن امتنعوا أو انقطعوا وكابروا ( آذنهم ) بالمد أي أعلمهم ( بالقتال ) ؛ لأنه تعالى أمر بالإصلاح ثم القتال هذا إن كان بعسكره قوة وإلا انتظرها وينبغي له أن لا يظهر لهم ذلك بل يرهبهم ويوري

                                                                                                                              وعند القوة قال الماوردي يجب القتال إن تعرضوا لحريم أو أخذ مال بيت المال أو تعطل جهاد الكفار بسببهم أو منعوا واجبا أو تظاهروا على خلع إمام انعقدت بيعته أي أو ثبتت بالاستيلاء فيما يظهر فإن اختل ذلك كله جاز قتالهم انتهى وظاهر كلامهم وجوب قتالهم مطلقا ؛ لأن ببقائهم وإن لم يوجد شيء مما ذكر تتولد مفاسد قد لا تتدارك ( فإن استمهلوا ) في القتال ( اجتهد ) في الإمهال ( وفعل ما رآه صوابا ) فإن ظهر له أن غرضهم إيضاح الحق أمهلهم ما يراه ولا يتقيد بمدة أو احتيالهم لنحو جمع عسكر بادرهم ويكون قتالهم كدفع الصائل سبيله الدفع بالأدنى فالأدنى قاله الإمام وظاهره وجوب هرب أمكن وليس مرادا ؛ لأن القصد إزالة شوكتهم ما أمكن

                                                                                                                              ( ولا يقاتل ) إذا وقع القتل ( مدبرهم ) الذي لم يتحرف لقتال ولا تحيز إلى فئة قريبة لا بعيدة لا من غائلته فيها ويؤخذ منه أن المراد بها هنا هي التي يؤمن عادة مجيئها إليهم قبل انقضاء القتال أما إذا لم يؤمن ذلك بأن غلب على الظن مجيئها إليهم والحرب قائمة فينبغي أن يقاتل حينئذ ، وإنما لم يشترط نظير ذلك فيما يأتي في الجهاد ؛ لأن المدار ثم على كونه يعد من الجيش أو لا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : لا في تنفيذ قضاء ) سكت عن قبول الشهادة وعدمه ( قوله : أما مرتدون لهم شوكة إلخ ) أفتى الشهاب الرملي في مرتدين لهم شوكة بأن الأصح أنهم كالبغاة ؛ لأن القصد ائتلافهم على العود إلى الإسلام م ر ش .

                                                                                                                              ( قوله : أيضا أما مرتدون لهم شوكة فهم كقطاع إلخ ) قال في شرح الروض بخلاف ما لو ارتدت طائفة لهم شوكة فأتلفوا مالا أو نفسا في القتال ثم تابوا وأسلموا فإنهم يضمنون لجنايتهم على الإسلام كما نقله الماوردي عن النص في أكثر كتبه وابن الرفعة عن الجمهور وقال الإسنوي إنه الصحيح ونقله عن تصحيح جماعات وقطع آخرين وقال الأذرعي إنه الوجه وحكى الأصل في ذلك وجهين بلا ترجيح ا هـ واعتمد شيخنا الشهاب الرملي عدم الضمان كالبغاة بل أولى للاحتياج إلى تألفهم للإسلام كالاحتياج إلى تألف البغاة للطاعة والضمان منفر عن ذلك وما اعتمده يوافقه قول الروض في باب الردة ما نصه فصل امتنع مرتدون بنحو حصن بادرنا بقتالهم واتبعنا مدبرهم وذففنا جريحهم واستتبنا أسيرهم وضمانهم كالبغاة ا هـ ، وإن قال شيخ الإسلام في شرحه قضيته أنهم لا يضمنون ما أتلفوه في الحرب لكن تقدم في قتال البغاة أن الصحيح خلافه ا هـ بل الظاهر أن [ ص: 71 ] شيخنا إنما أخذ اعتماده من هذا المذكور في باب الردة .

                                                                                                                              ( قوله : إن لم يكن عارفا ) ينبغي ، وإن كان عارفا فتأمله ( قوله : وظاهر كلامهم وجوب قتالهم ) ، وهو الأوجه م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              . ( قوله : وهو مسلم له شوكة إلخ ) وليس من ذلك ما يقع في زماننا من خروج بعض العرب واجتماعهم لنهب ما يقدرون عليه من الأموال بل هم قطاع طريق ا هـ ع ش ( قوله : لوجود معناه ) أي حكمة عدم ضمان الباغي عبارة المغني لأن سقوط الضمان في الباغين لقطع الفتنة واجتماع الكلمة ، وهو موجود هنا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لا في تنفيذ قضاء إلخ ) أي فلا يعتد بها منهم لانتفاء شرطهم مغني وأسنى ( وقوله واستيفاء حق أو حد ) سكت عن قبول الشهادة وعدمه ا هـ سم ( قوله : فهم كقطاع إلخ ) وفاقا للمغني وشيخ الإسلام وخلافا للنهاية عبارته فهم كالبغاة على الأصح كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ا هـ أي في عدم الضمان خاصة رشيدي ( قوله : مطلقا ) أي في الضمان وغيره ( قوله : ويجب على الإمام إلخ ) أي وعلى المسلمين إعانته ممن قرب منهم حتى تبطل شوكتهم ا هـ ع ش ( قوله : في حكمهم ) أي البغاة ( قوله : أي لا يجوز ) إلى قوله وسياسة الناس في النهاية ( قوله : أي عدلا ) وينبغي الاكتفاء بفاسق ولو كافرا حيث غلب على ظن الإمام أنه ينقل خبره بلا زيادة ولا نقص وأنهم يثقون به فيقبلون ما يقول ا هـ ع ش ( قوله : : والحروب إلخ ) فائدة معرفتها أنه ينبههم على ما يحصل بينهم وبين المسلمين من أنواع الحرب وطرقه ليوقع الرعب في قلوبهم فينقادوا لحكم الإسلام ا هـ ع ش ( قوله : ما ينقمونه ) بكسر القاف من باب ضرب ( قوله : أي يكرهونه ) إلى قول المتن أو شبهة في المغني ( قوله : تأسيا إلخ ) علة وجوب البعث ( قوله : بالنهروان ) بفتحات وسكون الهاء بلد بقرب بغداد ا هـ ع ش ( قوله : فرجع بعضهم إلخ ) أي وأبى بعضهم [ ص: 71 ] ا هـ مغني ( قول المتن مظلمة ) ، هي سبب امتناعهم من الطاعة ا هـ مغني ( قوله : بكسر اللام ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله أي أو ثبتت بالاستيلاء فيما يظهر وقوله واقتداء إلى نعم ( قوله : بكسر اللام وفتحها ) أي إن كان مصدرا ميميا لكن الفتح ، هو القياس فالكسر شاذ فإن كان اسما لما لم يظلم به فالكسر فقط مغني وزيادي زاد الرشيدي والمراد هنا ، هو الثاني ومن ثم اقتصر على الكسر الشارح الجلال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبمراجعة الإمام إلخ ) لعل محله ما لم يفوض له ذلك ابتداء ا هـ سيد عمر ( قوله : إن لم يكن عارفا ) ينبغي ، وإن كان عارفا فتأمله سم أقول ، هو كذلك لكن من الواضح أن مراد الشارح من التسبب استنابة الغير ولو نظرنا إلى الحقيقة فهو في المظلمة متسبب لا دافع ا هـ سيد عمر ( قول المتن فإن أصروا ) أي أو لم يذكروا شيئا ا هـ مغني ( قوله : بعد إزالة ) إلى قوله وينبغي في المغني ( قوله : بعد إزالة ذلك ) لعله في ظنه لا مع اعترافهم بالزوال وإلا لم يظهر قوله الآتي : ثم إن أصروا إلخ إذ المعترف بزوال شبهته أنى يناظر قاله السيد عمر أقول ويغني عنه حمل الإزالة على ذكر ما هي شأنه ( قوله : فإن امتنعوا إلخ ) عبارة المغني فإن لم يجيبوا أو أجابوا وغلبوا في المناظرة وأصروا ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن آذنهم ) أي وجوبا ا هـ شيخنا ( قوله : أمر ) أي في قوله { ، وإن طائفتان } ( قوله : بالإصلاح ثم القتال ) أي فلا يجوز تقديم ما أخره الله تعالى نهاية ومغني ( قوله : هذا ) أي إعلامهم بالقتال ( قوله : انتظرها ) أي وجوبا ا هـ ع ش ( قوله : أو أخذ مال بيت المال ) أي من حقوق بيت المال ما ليس لهم ا هـ مغني ( قوله : أي أو ثبتت ) إمامته ( قوله : فإن اختل ذلك كله ) أي إن لم يوجد واحد من الأمور الخمسة المذكورة ( قوله : جاز قتالهم ) اعتمده المغني ( قوله : وظاهر كلامهم إلخ ) عبارة النهاية والأوجه كما ، هو ظاهر كلامهم وجوب إلخ ( قول المتن فإن استمهلوا إلخ ) ، وإن سألوا ترك القتال أبدا لم يجبهم ا هـ مغني ( قوله : في الإمهال ) أي وعدمه ا هـ مغني ( قوله : فإن ظهر ) إلى قوله وظاهره في المغني ( قوله : أن غرضهم إيضاح الحق ) عبارة غيره أن استمالتهم للتأمل في إزالة الشبهة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أمهلهم ) أي وجوبا ا هـ بجيرمي ( قوله : أمهلهم ما يراه ) أي ليتضح لهم الحق ا هـ مغني ( قوله : بادرهم ) أي ولم يمهلهم ، وإن بذلوا مالا ووهبوا ذراريهم فإن سألوا الكف عنهم حال الحرب ليطلقوا أسراءنا وبذلوا بذلك رهائن قبلناها فإن قتلوا الأسارى لم نقتل الرهائن بل نطلقهم كأساراهم بعد انقضاء الحرب ، وإن أطلقوهم أطلقناهم ا هـ روض مع شرحه ( قوله : كدفع الصائل ) خبر يكون وقوله سبيله إلخ بدل منه ويجوز أن الثاني هو الخبر والأول متعلق به ( قوله : فيها ) أي البعيدة وكذا ضمير بها ( قوله : نظير ذلك ) أي المراد المذكور ( قوله : ؛ لأن المدار ثم إلخ ) أي وهنا على ما تحصل به المناصرة للبغاة في ذلك الحرب وما لا تحصل ا هـ ع ش ( قوله : على كونه ) أي المتحيز ( قوله : يعد ) بصيغة المضارع المبني للمفعول من العد ، وهو في بعض النسخ بصيغة الماضي المبني للفاعل من البعد




                                                                                                                              الخدمات العلمية