الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو حده بشاهدين ) فمات منه ( فبانا ) غير مقبولي الشهادة ، كأن بانا ( عبدين أو ذميين أو مراهقين ) أو فاسقين أو امرأتين أو بان أحدهما كذلك ( فإن قصر في اختبارهما ) بأن تركه بالكلية كما قاله الإمام ( فالضمان عليه ) قود أو غيره إن تعمد [ ص: 197 ] وإلا فعلى عاقلته وبتفسير الإمام هذا يندفع تنظير الأذرعي في القود بأنه يدرأ بالشبهة إذ مالك وغيره يقبلهما ، ثم رأيت البلقيني صرح به فقال : ليس صورة البينة التي لم يبحث عنها شبهة ( وإلا ) يقصر في اختبارهما ، بل بحث عنه ( فالقولان ) ، أظهرهما : أن الضمان على عاقلته ، والثاني في بيت المال ( فإن ضمنا عاقلة أو بيت مال فلا رجوع ) لأحدهما ( على العبدين والذميين في الأصح ) ؛ لزعمهما الصدق . والمتعدي هو الإمام بعدم بحثه عنهما . وكذا المراهقان والفاسقان غير المتجاهرين بخلافهما فيرجع عليهما على المنقول المعتمد ؛ لأن الحكم بشهادتهما يشعر بتدليس وتغرير منهما حتى قبلا ؛ لأن الفرض أنه لم يقصر في البحث عنهما ، ( ومن ) عالج كأن ( حجم أو فصد بإذن ) معتبر ممن جاز له تولي ذلك فحصل تلف ( لم يضمن ) ، وإلا لما تولى أحد ذلك ، وذكر ابن سريج أنه لو سرى من فعل الطبيب هلاك وهو من أهل الحذق في صنعته لم يضمن إجماعا وإلا ضمن قود أو غيره لتغريره قاله الزركشي وغيره ، وفي هذا رد لإفتاء ابن الصلاح بأن شرط عدم ضمانه أن يعين له المريض الدواء ، وإلا لم يتناول إذنه ما يكون سبيلا للإتلاف ؛ لأن مطلق الإذن تقيده القرينة بغير المتلف ، ويجاب بحمل كلامه على غير الحاذق ويظهر أنه الذي اتفق أهل فنه على إحاطته به بحيث يكون خطؤه فيه نادرا جدا ، وكالطبيب فيما ذكر الجرائحي ، بل هو من أفراده كالكحال

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 197 ] قوله وإلا فعلى عاقلته ) أي : وإلا يتعمد ( قوله : بعدم بحثه ) كان المراد بعدم كمال بحثه لقوله السابق ، بل بحث عنه . ( قوله : على المنقول المعتمد ) عليه م ر . ( قوله : لأن الفرض إلخ ) قضيته عدم الرجوع عليهما في الشق الأول ، وهو ما إذا قصر في اختبارها بأن تركه ولم يتعمد . ( قوله : وإلا لم يتناول إذنه ما يكون سببا للإتلاف إلخ ) في الأنوار ما نصه : ولو أخطأ الطبيب في المعالجة وحصل منه التلف وجبت الدية على عاقلته ، وكذا من تطبب بغير علم ا هـ . ( قوله : ويجاب إلخ ) فالحاصل على هذا أنه إن عين له المريض الدواء فلا ضمان مطلقا وإلا فإن كان حاذفا [ ص: 198 ] فلا ضمان ، أو غير حاذق فعليه الضمان



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ، ولو حده ) أي : الإمام شخصا . ( قول المتن عبدين ) أي : أو عدوين للمشهود عليه أو أصلاه أو فرعاه ا هـ . مغني وفي قوله : أو أصلاه إلخ نظر فليراجع . ( قوله : قودا ) أي : إن كان مكافئا له ، وقوله : أو غيره أي : إن لم يكن مكافئا أو عفا على مال ا هـ . بجيرمي عن العزيزي . ( قوله : إن تعمد ) أي : ووجدت [ ص: 197 ] شروط العمد بأن كان التعذيب بما يقتل غالبا ا هـ . سيد عمر . ( قوله : وإلا فعلى عاقلته ) أي : وإن لم يتعمد ا هـ . سم قال الرشيدي : انظر ما صورة العمد وغيره ، والذي في كلام غيره إنما هو التردد فيما ذكر هل يوجب القود أو الدية ا هـ . ( قوله : هذا ) أي قوله : بأن تركه بالكلية . ( قوله : يندفع إلخ ) هذا يتوقف على أن مالكا وغيره إنما يقولون : بالقبول عند البحث في الجملة وأنه لو ترك البحث أصلا لا تقبل شهادته ، وهو خلاف المفهوم من كلام الأذرعي ا هـ . ع ش . ( قوله : إذ مالك وغيره يقبلهما ) يعني العبدين إذ هذا هو الذي في كلام الأذرعي ا هـ . رشيدي . ( قوله : يقبلهما ) كان الظاهر التثنية أو الجمع . ( قوله : صرح به ) أي : بما تضمنه الجواب المذكور من عدم الشبهة هنا . ( قوله : بل بحث إلخ ) عبارة المغني والأسنى بل بحث وبذل وسعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عنه ) كان الظاهر عنهما كما عبر به فيما يأتي . ( قول المتن : فإن ضمنا عاقلة ) أي : على الأظهر أو بيت المال أي : على مقابله مغني و ع ش . ( قوله : بعدم بحثه عنهما ) كان المراد بعدم كمال بحثه عنهما لقوله : السابق بل بحث عنه ا هـ . سم قال الرشيدي وعبارة الزركشي وقد ينسب القاضي إلى تقصير في البحث ا هـ . ( قوله : وكذا المراهقان ) إلى قوله : وذكر ابن سريج في المغني إلا قوله : لأن الفرض إلى المتن . ( قوله : وكذا المراهقان ) أي : والعدوان ا هـ . مغني . ( قوله : والفاسقان إلخ ) أي : والمرأتان ا هـ . أسنى . ( قوله : بخلافهما إلخ ) أي : المتجاهرين بالفسق ولا يقال : إن الذمي كالمتجاهر ؛ لأن عقيدته لا تخالف ذلك . ( تنبيه )

                                                                                                                              أفهم كلامه أنه لا ضمان على المزكيين وهو ما في أصل الروضة عن العراقيين قبيل الدعاوى لكن في أصلها في القصاص أن المزكي الراجع يتعلق به القصاص والضمان في الأصح ، وهذا هو المعتمد كما قاله بعض المتأخرين ا هـ . مغني . ( قوله : معتبر ) صفة إذن لكن يغني عنه قوله : ممن جاز إلخ . ( قول المتن لم يضمن ) أي : ما تولد منه إن لم يخطئ فإن أخطأ ضمن ، وتحمله العاقلة كما نص عليه الشافعي في الخاتن قال ابن المنذر : وأجمعوا على أن الطبيب إذا لم يتعد لم يضمن ا هـ . مغني أي : إذا كان من أهل الحذق ا هـ . سلطان عبارة النهاية ، ولو أخطأ الطبيب في المعالجة وحصل منه التلف وجبت الدية على عاقلته ، وكذا من تطبب بغير علم كما قاله في الأنوار ا هـ .

                                                                                                                              وعبارة ع ش قوله : لم يضمن أي : إذا كان عارفا ، وظاهره ولو كان كافرا ؛ لعدم تقصيره بالمعالجة ولا يلزم من جواز معالجته وعدم ضمانه قبول خبره ويعلم كونه عارفا بالطب بشهادة عدلين عالمين بالطب بمعرفته ، وينبغي الاكتفاء باشتهاره بالمعرفة بذلك ؛ لكثرة الشفاء بمعالجته ، وقوله : وكذا أي : تجب الدية على عاقلته ا هـ . ( قوله : ويجاب بحمل كلامه إلخ ) والحاصل على هذا أنه إن عين له المريض الدواء فلا ضمان مطلقا ، وإلا فإن كان حاذقا فلا ضمان أو غير حاذق فعليه الضمان ا هـ . سم . ( قوله : بحمل كلامه ) أي : ابن الصلاح




                                                                                                                              الخدمات العلمية