الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وعلى الغني نصف دينار ) أي مثقال ذهب خالص لأنه أقل ما يجب في الزكاة ومر أن التحمل مواساة مثلها ( والمتوسط ربع ) منه لأنه واسطة بين الفقير الذي لا شيء عليه والغني الذي عليه نصف فإلحاقه بأحدهما تفريط أو إفراط والناقص عن الربع تافه ومن ثم لم يقطع به سارقه ولا يتعين الذهب ولا الدراهم بل يكفي مقدار أحدهما لأن الواجب هو الإبل إن وجدت عند الأداء بالنسبة لواجب كل نجم ولا يعتبر بعض النجوم ببعض وما يؤخذ يصرف إليها

                                                                                                                              ولو زاد عددهم وقد استووا في القرب على قدر واجب السنة قسط عليهم ونقص كل منهم من النصف أو الربع وضبط البغوي الغني والمتوسط بالعادة ويختلف بالمحل والزمن وضبطهما الإمام والغزالي ومال إليه الرافعي واستنبطه ابن الرفعة من كلام الأصحاب بالزكاة فمن ملك قدر عشرين دينارا آخر الحول فاضلا عن كل ما لا يكلف بيعه في الكفارة غني ومن ملك آخره فاضلا عن ذلك دون العشرين وفوق ربع الدينار لئلا يصير فقيرا بأخذه منه متوسط ومن عداهما فقير فلا يحتاج لحده هنا وحد ابن الرفعة له بأنه من لا يملك ما يفضل عن كفايته على الدوام [ ص: 33 ] موهم إلا أن يريد من لا يملك ما يفضل عن كفاية كل يوم بحيث لا يصل لحد التوسط ( كل سنة من الثلاث ) لأنها مواساة تتعلق بالحول فتكررت بتكرره ولم تتجاوز الثلاث للنص كما مر فجميع ما على كل غني في الثلاث دينار ونصف وما على المتوسط نصف وربع ( وقيل هو ) أي النصف والربع ( واجب الثلاث ) فيؤدي الغني آخر كل سنة سدسا والمتوسط نصف سدس ( ويعتبران ) أي الغنى والتوسط ( آخر الحول ) كالزكاة فالمعسر آخره لا شيء عليه وإن كان أوله أو بعده غنيا وعكسه عليه واجبه وقضية كلامه أن غيرهما من الشروط لا يعتبر بآخره وهو كذلك فالكافر والقن والصبي والمجنون أول الأجل لا شيء عليهم مطلقا وإن كملوا قبل آخر السنة الأولى وفارقوا المعسر بأنهم ليسوا أهلا للنصرة ابتداء فلا يكلفونها في الأثناء بخلافه ( ومن أعسر فيه ) أي في آخر الحول ( سقط ) عنه واجب ذلك الحول وإن أيسر بعده ولو طرأ جنون أثناء حول سقط واجبه فقط وكذا الرق بأن حارب الذمي ثم استرق .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فلا يحتاج لحده هنا ) كان المراد حده استقلالا مفصلا وإلا فقوله ومن عداهما فقير حد له إذ الحد عند [ ص: 33 ] الفقهاء ونحوهم هو المميز مطلقا وهو كذلك . ( قوله موهم ) إن كان وجه الإيهام صدقه ممن ملك الفاضل المذكور في أحوال الدية فقط أو في بعضها فقط مع أنه غير فقير فقوله إلا إلخ كذلك .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وعلى الغني ) أي من العاقلة نهاية ومغني ( قول المتن نصف دينار ) أي على أهل الذهب أو قدره دراهم على أهل الفضة وهو ستة منها ا هـ مغني عبارة ع ش والدينار يساوي بالفضة المتعامل بها نحو سبعين نصف فضة أو أكثر ومتى زاد سعره أو نقص اعتبر حاله وقت الأخذ منه وإن صار يساوي مائتي نصف فأكثر ( قوله أي مثقال ) إلى قوله وضبط البغوي في النهاية ( قوله أي مثقال ذهب خالص ) تفسير للدينار ( قوله لأنه ) إلى قوله وضبط البغوي في المغني ( قوله لأنه إلخ ) أي نصف الدينار ( قوله أقل ما يجب في الزكاة ) أي أول درجة المواساة في زكاة النقد والزيادة عليه لا ضابط لها ا هـ مغني ( قول المتن والمتوسط ) أي من العاقلة ( قوله ربع ) أي أو ثلاثة دراهم ا هـ مغني ( قوله منه ) أي من الدينار ( قوله نصف ) أي من دينار ( قوله تفريط ) أي تساهل وقوله أو إفراط أي تجاوز عن الحد ا هـ ع ش ( قوله ومن ثم ) أي لكونه تافها ( قوله به ) أي بالناقص عن الربع ( قوله إن وجدت إلخ ) فإن فقدت ثم وجدت قبل الأداء للمال تعينت وإن لم توجد قبل الأداء ولا عنده فالمعتبر قيمتها بنقد البلد وإن وجدت بعده لم يؤثر ا هـ روض مع شرحه .

                                                                                                                              ( قوله بالنسبة ) متعلق بوجوب وكان الأولى حذفه كما في النهاية وهو حينئذ كما قال الرشيدي متعلق بالأداء عبارة الكردي قوله بالنسبة لواجب كل نجم الباء صلة وجدت ونسبة كل نجم إلى الدية بالثلث فإن وجد من الإبل قدر ثلث الدية عند كل نجم فيجب أن يشتري ذلك بما أخذ من العاقلة وإن لم توجد الإبل عند الأداء فالمعتبر قيمتها بنقد البلد فإن بلغ نجم بالنسبة إلى قيمة الإبل مائة لا يعتبر النجم الآخر إلا بالنسبة إلى قيمة الإبل في وقت أدائه ا هـ وقوله لواجب إلخ متعلق بالنسبة ( قوله ولا يعتبر بعض النجوم إلخ ) عبارة الأسنى فإن حل نجم والإبل بالبلد قومت يومئذ وأخذ قيمتها ولا يعتبر إلخ ( قوله وما يؤخذ إلخ ) عبارة المغني وما يؤخذ بعد تمام الحول من نصف أو ربع يصرف إليها وللمستحق أن لا يأخذ غيرها لما مر والدعوى بالدية المأخوذة من العاقلة لا تتوجه عليهم بل على الجاني نفسه ثم هم يدفعونها بعد ثبوتها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إليها ) أي الإبل ( قوله على قدر إلخ ) متعلق بزاد ا هـ ع ش ( قوله ويختلف ) أي كل من الغني والمتوسط ويحتمل أن الضمير للعاد ( قوله وضبطهما الإمام إلخ ) اعتمده النهاية والمغني أيضا ( قوله بالزكاة ) أي بما فيها والجار متعلق بضبطهما ( قوله فمن ملك قدر عشرين إلخ ) فالتشبيه بالزكاة إنما هو في مطلق الفضل وإلا فالزكاة لا يعتبر في غنيها فضل عشرين دينارا والمراد بالكفاية الكفاية للعمر الغالب كما يدل عليه التشبيه ونبه عليه سم في حواشي شرح المنهج رشيدي و ع ش ( قوله عن كل ما لا يكلف في الكفارة ) عبارة النهاية عن حاجته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لئلا يصير فقيرا إلخ ) فإن قيل ينبغي أن يقاس به الغني لئلا يبقى متوسطا أجيب بأن المتوسط من أهل التحمل بخلاف الفقير ا هـ مغني ( قوله لحده هنا ) كان المراد حدا مستقلا [ ص: 33 ] مفصلا وإلا فقوله ومن عداهما فقير حد له إذ الحد عند الفقهاء ونحوهم هو المميز مطلقا وهذا كذلك ا هـ سم ( قوله موهم ) إن كان وجه الإيهام صدقه بمن ملك الفاضل المذكور في أحوال الدية فقط أو في بعضها فقط مع أنه غير فقير فقوله إلا إلخ كذلك ا هـ سم ( قوله لأنها مواساة ) إلى قوله ولو طرأ جنون في المغني وإلى الفصل في النهاية ( قوله كما مر ) أي في شرح ثلاث سنين في كل سنة ثلث ( قوله أي النصف إلخ ) عبارة المغني أي ما ذكر من نصف أو ربع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وعكسه عليه إلخ ) فلو أيسر آخره ولم يؤد ثم أعسر ثبت نصف دينار في ذمته ا هـ مغني ( قوله إن غيرهما ) أي غير الغني والمتوسط ( قوله مطلقا ) أي لا في ذلك الحول ولا فيما بعده ا هـ مغني ( قوله وإن كملوا إلخ ) أي كما علم مما مر ا هـ رشيدي أي في شرح وصبي ومجنون ( قوله للنصرة ) أي بالبدن ا هـ مغني ( قوله فلا يكلفونها في الأثناء ) عبارة المغني فلا يكلفون النصرة بالمال في الانتهاء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بخلافه ) أي المعسر فإنه كامل أهل للنصرة وإنما يعتبر المال ليتمكن من الأداء فيعتبر وقته ا هـ مغني ( قوله فقط ) أي دون ما قبله ا هـ ع ش أي إذا طرأ في أثناء الحول الأخير وأما إذا طرأ ثم زال في أثناء الحول الأول فدون ما بعده أو في أثناء الحول المتوسط فدونهما معا




                                                                                                                              الخدمات العلمية