الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا أرق ) الحربي ( وعليه دين ) لمسلم أو ذمي أو معاهد أو مستأمن . ( لم يسقط ) ؛ لأن له ذمة أو لحربي سقط كما لو رق وله دين على حربي وألحق به هنا المعاهد والمستأمن والفرق أنه وإن كان غير ملتزم للأحكام كما مر في السرقة لكن تأمينه اقتضى أنه يطالب بحقه مطلقا ولا يطالب بما عليه لحربي وفيه نظر والوجه عدم الفرق بخلافه على ذمي أو مسلم بل يبقى بذمة المدين فيطالبه به سيده ما لم يعتق على ما بحث قياسا على ودائعه وفيه نظر [ ص: 253 ] لظهور الفرق بين العين بفرض تسليم ما ذكر فيها وما في الذمة على أنا إن قلنا بملك السيد للدين فلا وجه للتقييد بالعتق أو بعدم ملكه له فلا وجه للمطالبة والذي يتجه في أعيان ماله أن السيد لا يملكها ولا يطالب بها ؛ لأن ملكه لرقبته لا يستلزم ملكه لماله بل القياس أنها ملك لبيت المال كالمال الضائع

                                                                                                                              وأما دينه فقضية تنزيلهم ما في الذمم منزلة أعيان الأموال في نحو الزكاة والحج وغيرهما أنه مثلها هنا أيضا نعم يتردد النظر فيما إذا أعتق ولم يأخذهما الإمام هل يكون أحق بهما ؛ لأن الزوال إنما كان لأصل دوام الرق وقد بان خلافه أو لا حق له فيهما ؛ لأن الرق بمنزلة الموت في بعض الأحكام فينتقل به لبيت المال مستقرا كل محتمل ، ثم رأيتهم صرحوا في الإقرار بأنه لو أقر بعين أو دين لحربي ، ثم استرق لم يكن المقر به لسيده وهو صريح فيما ذكرته أولا وذكرت ثم عقب ذلك أنه يوقف فإن عتق فله وإن مات قنا فهو فيء فإن قلت كيف يتصور مطالبة السيد على القول بها وهو لا يملك جميعه ؛ لأنه غنيمة مخمسة قلت يتصور ملكه لكله بأن يسبيه ذمي كما يأتي ، ولو كان الدين للسابي سقط بناء على أن من ملك قن غيره وله عليه دين سقط وفيه تناقض للشيخين ومحل السقوط فيما يختص بالسابي دون ما يقابل الخمس ؛ لأنه ملك لغيره وإذا لم يسقط . ( فيقضى من ماله إن غنم بعد إرقاقه ) تقديما له على الغنيمة كالوصية وإن حكم بزوال ملكه بالرق كما يقضى دين المرتد إن حكم بزوال ملكه بالردة

                                                                                                                              أما إذا لم يكن له مال فيبقى في ذمته إلى عتقه ، وأما إذا غنم قبل إرقاقه أو معه فلا يقضى منه ؛ لأن الغانمين ملكوه أو تعلق حقهم بعينه فكان أقوى

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لمسلم أو ذمي ) كذا في الروض وقوله : أو معاهد زاده في شرحه . ( قوله : وألحق به هنا المعاهد إلخ ) إلحاق المعاهد في شرح الروض . ( قوله : والفرق أنه ) كأن الهاء للمعاهد أو المستأمن فلم يسقط عنه حيث كان الدائن محترما بخلاف ثبوته له فغير معهود ففصل قوة محله بين فيه وضعفه . ( قوله وفيه نظر إلخ ) الظاهر أن التنظير في مطالبة السيد [ ص: 253 ] وأما البقاء في الذمة كالودائع فمجزوم به حتى في الروض وغيره . ( قوله : للتقييد بالعتق ) كان المراد بعدم العتق . ( قوله : فيما ذكرته أولا ) كان المراد بما ذكره أولا عدم ملك السيد وعدم مطالبته وكأنه احترز بأولا عما بحثه من أنها ملك لبيت المال وما فرعه على ذلك من التردد فيما إذا عتق قبل أخذ الإمام فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : وذكرت ثم عقب ذلك إلخ ) هذا الذي ذكره ثم عقب ذلك ذكره شيخ الإسلام هنا فإنه عقب قول الروض فإن استرق وله دين على مسلم أو ذمي لم يسقط كوديعته قال ما نصه فيوقف فإن عتق فله وإن مات رقيقا ففيء انتهى وهو صريح في عدم ملك السيد ومطالبته . ( قوله ؛ لأنه ) أي الرقيق . ( قوله : ولو كان الدين للسابي سقط ) كما رجحه في الروض من زيادته . ( قوله : بناء على أن من ملك قن غيره إلخ ) ويمكن الفرق فليتأمل . ( قوله : ؛ لأنه ملك لغيره ) فلو كان السابي ذميا سقط الجميع لأنه يملك جميعه . ( قوله : فيقضى من ماله ) هل المراد بماله ما يشمل دينه حيث لم يسقط ؟



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وإذا رق ) كذا في نسخ الشرح بألف واحدة بعد الذال وفي النهاية والمغني بعدها ألفان ( قوله : أو لحربي سقط ) لعدم احترامه مغني وأسنى

                                                                                                                              ( قوله : كما لو رق إلخ ) أي : فإنه يسقط . ا هـ . ع ش ( قوله : وألحق به إلخ ) أي : بالحربي في السقوط . ا هـ . ع ش ( قوله : المعاهد إلخ ) إلحاق المعاهد في شرح الروض . ا هـ . سم ( قوله : والفرق ) أي : بين ما هنا حيث ألحق فيه المعاهد والمستأمن بالحربي وما هناك حيث ألحق فيه بالذمي

                                                                                                                              ( قوله : إنه وإن كان ) أي : المعاهد ، أو المستأمن سم وع ش وقال السيد عمر : قوله إنه ينبغي أنهما . ا هـ . ( قوله : تأمينه ) أي : المعاهد ، أو المستأمن وكذا الضمير في قوله إنه يطالب إلخ ( قوله : يطالب ) ببناء الفاعل ( قوله : مطلقا ) أي : على حربي ، أو غيره ( قوله : ولا يطالب ) ببناء المفعول ( قوله : وفيه نظر ) أي : في الإلحاق ، أو الفرق ( قوله : والوجه عدم الفرق ) خلافا للنهاية ووفاقا للمغني والأسنى عبارتهما ولو كان الدين لحربي على غير حربي ورق من له الدين لم يسقط بل يوقف فإن عتق فله وإن مات رقيقا ففيء . ا هـ . ( قوله : بخلافه على ذمي إلخ ) أي فلا يسقط . ا هـ . ع ش ( قوله على ذمي ) أي : ومعاهد ومستأمن لما مر آنفا

                                                                                                                              ( قوله : وفيه نظر إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني عبارة الأول وفي كل من المقيس والمقيس عليه نظر لظهور الفرق إلخ ( قوله : وفيه نظر إلخ ) الظاهر أن التنظير في مطالبة [ ص: 253 ] السيد وأما البقاء في الذمة كالودائع فمجزوم به حتى في الروض وغيره . ا هـ . سم

                                                                                                                              ( قوله : لظهور الفرق إلخ ) وهو أن ما في الذمة ليس متعينا في شيء يطالب به السيد فهو معرض للسقوط بخلاف الوديعة . ا هـ . ع ش ( قوله فيها ) أي : العين ( قوله للتقييد بالعتق ) كان المراد بعدم العتق . هـ ا . سم

                                                                                                                              ( قوله : أو بعدم إلخ ) عطف على بملك السيد إلخ ( قوله : في أعيان ماله ) أي : كودائعه . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : إنه ) أي : الدين ( قوله : مثلها ) أي مثل أعيان الأموال أي : فلا يملكه السيد ولا يطالب به ( قوله : هنا ) أي : فيما لو رق وله دين على ذمي إلخ

                                                                                                                              ( قوله : أيضا ) أي كما في نحو الزكاة إلخ ( قوله : هل يكون أحق بهما إلخ ) اعتمده النهاية والمغني ( قوله لأصل دوام إلخ ) الإضافة للبيان ( قوله : في بعض الأحكام ) كقطع النكاح ( قوله : ثم استرق ) أي : الحربي

                                                                                                                              ( قوله : فيما ذكرته أولا ) كأنه أراد بما ذكره عدم ملك السيد وعدم مطالبته وكأنه احترز بأولا عما بحثه من أنها ملك لبيت المال وما فرعه على ذلك من التردد فيما إذ أعتق قبل أخذ الإمام فليتأمل . ا هـ .سم ( قوله وذكرت ثم ) أي : في باب الإقرار ( قوله : عقب ذلك ) أي : ما صرحوا به من أنه لو أقر بعين إلخ أي عقب ذكره ( قوله : إنه يوقف إلخ ) هذا الذي ذكره ، ثم عقب ذلك ذكره شيخ الإسلام هنا وهو صريح في عدم ملك السيد ومطالبته . ا هـ . سم وذكره المغني هنا أيضا وهو أيضا صريح في عدم مطالبته بيت المال وأنه لو أخذهما الإمام ، ثم عتق يستردهما منه ( قوله على القول إلخ ) أي : المرجوح

                                                                                                                              ( قوله : بها ) أي : بمطالبة السيد ( قوله : ؛ لأنه ) أي : الرقيق . ا هـ . سم ( قوله : ولو كان الدين ) إلى قوله ولم يمتنع منه في المغني وإلى قوله ولو استأجر في النهاية إلا قوله ولم يمتنع إلى المتن ( قوله : فيما يختص بالسابي ) وهو ما يقابل الأربعة الأخماس ( قوله : ؛ لأنه ملك لغيره ) فلو كان السابي ذميا سقط الجميع ؛ لأنه يملك جميعه . ا هـ . سم ( قوله : وإذا لم يسقط ) أي : دين غير الحربي وهل يحل الدين المؤجل بالرق فيه وجهان أصحهما أنه يحل ؛ لأنه يشبه الموت من حيث إنه يزيل الملك ويقطع النكاح . ا هـ . مغني ( قول المتن من ماله ) هل المراد بماله ما يشمل دينه حيث لم يسقط . ا هـ . سم والظاهر نعم

                                                                                                                              ( قوله : تقديما له ) أي للدين .

                                                                                                                              ( قوله : كالوصية ) أي : كما يقدم الدين على الوصية . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : إلى عتقه ) أي : ويساره . ا هـ . مغني ( قوله : وأما إذا غنم ) أي : ماله وقوله قبل إرقاقه ، أو معه أي : يقينا فلو اختلف الدائن ، أو المدين وأهل الغنيمة في ذلك فينبغي تصديق الدائن ، أو المدين ؛ لأن عدم الغنيمة قبل الإرقاق هو الأصل . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن الغانمين ملكوه ) أي إن قلنا تملك الغنيمة بالحيازة وقوله ، أو تعلق أي : بناء على أنها إنما تملك بالقسمة وهو الراجح قاله ع ش وكلام المغني والأسنى صريح في أن الأول في القلبية والثاني في المعية وهو الظاهر ( قوله : بعينه ) أي : بعين المال وحق صاحب الدين كان في الذمة . ا هـ . مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية