الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والجنين ) المعصوم ( اليهودي أو النصراني ) أو المتولد بين كتابي ونحو وثني ( قيل كمسلم ) لعموم الخبر ( وقيل هدر ) لتعذر التسوية والتجزئة ونازع الأذرعي في وجود هذا الوجه وتحرير ما قبله بما يطول بسطه ( والأصح ) أنه يجب فيه ( غرة كثلث غرة مسلم ) قياسا على الدية وفي المجوسي ونحوه ثلثا عشر غرة مسلم ( و ) الجنين ( الرقيق ) بالجر عطفا على الجنين أول الفصل والرفع على الابتداء والتقدير فيه ( عشر قيمة أمه ) قياسا على الجنين الحر فإن غرته عشر دية أمه وسواء فيه الذكر والأنثى وفيها المكاتبة والمستولدة وغيرهما نعم إن كانت هي الجانية على نفسها لم يجب فيه له شيء إذ لا شيء للسيد على قنه وتعتبر قيمتها ( يوم الجناية ) [ ص: 44 ] عليه لأنه وقت الوجوب ( وقيل ) يوم ( الإجهاض ) لأنه وقت الاستقرار والأصح كما في أصل الروضة اعتبار أكثر القيم من يوم الجناية إلى الإجهاض مع تقدير إسلام الكافرة وسلامة المعيبة ورق الحرة بأن يعتقها مالكها والجنين لآخر بنحو وصية وذلك تغليظا عليه كالغاصب ما لم ينفصل حيا ثم يموت من أثر الجناية وإلا ففيه قيمة يوم الانفصال قطعا والقيمة في القن ( لسيدها ) ذكر لأن الغالب أن من ملك حملا ملك أمه فالمراد لمالكه سواء أكان مالكها أم غيره ( فإن كانت ) الأم القنة ( مقطوعة ) أطرافها يعني زائلتها ولو خلقة وهذا مثال وإلا فالمدار على كونها ناقصة ( والجنين سليم ) أو هي سليمة والجنين ناقص ( قومت سليمة في الأصح ) لسلامته أو سلامتها وكما لو كانت كافرة وهو مسلم تقوم مسلمة ولأن نقصه قد يكون من أثر الجناية واللائق الاحتياط والتغليظ ( وتحمله ) أي بدل الجنين القن ( العاقلة في الأظهر ) لما مر أنها تحمل العبد ويدخل أرش الألم لا الشين في الغرة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بالجر عطفا على الجنين ) تقدير الجنين هنا إنما يناسب العطف على وصفه أي وصف الجنين بالحرمة أي الحر فتأمله [ ص: 44 ] قوله بأن يعتقها إلخ ) تصوير لكونها حرة مع كون جنينها رقيقا ( قوله أيضا بأن يعتقها مالكها والجنين لآخر إلخ ) قال في شرح الإرشاد واعتراض المصنف على الحاوي بأن عبارته توهم فرضها كافرة إذا كان الجنين كافرا وهي مسلمة وحرة إذا كانت رقيقة وهو حر مردود بأن الأول مردود شرعا والثاني لا يتأتى لأن الواجب في الحر أي وإن كانت أمه رقيقة الغرة لا عشر القيمة فمثل هذين لا يرد انتهى . وصرح في شرح البهجة بمضمون هذين الحكمين ( قوله أو هي سليمة والجنين ناقص قومت سليمة في الأصح ) قال في الإرشاد لا إن نقص انتهى أي فلا تقدر حينئذ سليمة لفقد علة تقدير السلامة فيما مر من الاعتبار بالسليم منها وبين الشارح في شرحه أنه أعني صاحب الإرشاد قال إن هذا مأخوذ من كلام الحاوي الموافق مقتضى كلام الكفاية وإن قضية كلامه في شرحه خلافه حيث قال الأصح أنها إذا كانت مقطوعة فرضت سليمة سواء كان الجنين سليما أم مقطوعا ، ثم نقل عن الإمام ما يؤيده قال الشارح في شرحه ، وهذا هو الأوجه انتهى وجزم شيخ الإسلام في شرح البهجة ، فقال أما لو كانا معيبين فتفرض الأم سليمة أيضا ، وإن اقتضى قوله كالأم خلافه ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن اليهودي أو النصراني ) أي بالتبع لأبويه وأما الجنين الحربي والجنين المرتد بالتبع لأبويهما فهدران ا هـ مغني ( قوله في وجود هذا الوجه ) أي وقيل هدر وتحرير ما قبله أي قيل كمسلم ( قوله أنه يجب فيه ) أي في الجنين المذكور ( قول المتن كثلث غرة مسلم ) وهو بعير وثلثا بعير ا هـ مغني ( قوله وفي المجوسي إلخ ) عطف على قوله فيه ( قوله ونحوه ) أي كعابد وثن ونحو شمس وزنديق وغيرهم ممن له أمان منا ( قوله ثلثا عشر إلخ ) عبارة المغني ثلث خمس غرة مسلم كما في ديته وهو ثلث بعير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بالجر ) إلى قوله ويدخل في النهاية ( قوله بالجر عطفا على الجنين ) تقدير الجنين هنا إنما يناسبه العطف على وصفه أي الحر فتأمله ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله والتقدير فيه عشر قيمة أمه ) أي على أنه خبر والرقيق ( قوله قياسا ) إلى قول المتن وتحمله في المغني ( قوله وسواء فيه إلخ ) أي الجنين ( قوله والأنثى ) عبارة المغني وغيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفيها ) أي الأم عطف على فيه ( قوله وغيرهما ) أي كالمدبرة ا هـ مغني ( قوله إن كانت هي ) أي الأم ( قوله لم يجب فيه ) أي فيما إذا كانت هي الجانية إلخ ( قوله له ) أي السيد [ ص: 44 ] قوله عليه ) أي الجنين ( قوله وقت الاستقرار ) أي استقرار الجناية ( قوله والأصح كما إلخ ) أي خلافا لما يقتضيه كلام المصنف من اعتبار يوم الجناية مطلقا سواء كانت القيمة فيه أكثر من يوم الإجهاض أم أقل وبه صرح القاضي حسين وغيره ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله بأن يعتقها ) تصوير لكونها حرة مع كون جنينها رقيقا ا هـ سم ( قوله لآخر ) أي لغير مالك الأم ( قوله وذلك ) أي اعتبار أكثر القيم ( قوله ما لم ينفصل إلخ ) راجع لقول المصنف والرقيق عشر قيمة أمه إلخ وقول الشارح والأصح ا هـ ع ش عبارة المغني هذا كله إذا انفصل ميتا كما علم من التعليل السابق فإن انفصل حيا ومات من أثر الجناية فإن فيه قيمة يوم الانفصال قطعا وإن نقصت عن عشر قيمة أمه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ثم يموت ) لعل الصواب إسقاط الواو ( قوله وإلا ففيه قيمة إلخ ) أي تمام قيمته أي الجنين يوم الانفصال ع ش ومغني ( قوله قيمة يوم الانفصال ) أي تمام قيمة الجنين يوم الانفصال ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله إن من إلخ ) بيان للغالب ( قوله سواء أكان ) أي مالك الحمل ( قوله وهذا ) أي كونها مقطوعة وقوله على كونها ناقصة أي ولو بعيب في غير الأطراف أصلا ا هـ رشيدي ( قوله أو هي سليمة والجنين ناقص ) قال في الإرشاد لا إن نقص انتهى أي فلا تقدر حينئذ سليمة لفقد علة تقدير السلامة فيما مر من الاعتبار بالسليم منهما وبين الشارح في شرحه أنه أعني صاحب الإرشاد قال إن هذا مأخوذ من كلام الحاوي الموافق لمقتضى كلام الكفاية وإن قضية كلامه في شرحه خلافه حيث قال الأصح أنها إذا كانت مقطوعة فرضت سليمة سواء أكان الجنين سليما أم مقطوعا ثم نقل عن الإمام ما يؤيده قال الشارح وهذا هو الأوجه انتهى وجزم به شيخ الإسلام في شرح البهجة فقال أما لو كانا معيبين فتفرض الأم سليمة أيضا وإن اقتضى قوله كالأم خلافه انتهى ا هـ سم وبهذا يندفع تردد السيد عمر في حكم ما لو كانا معيبين

                                                                                                                              ( قوله لما مر إلخ ) أي في الفصل الثاني من هذا الباب .

                                                                                                                              ( تتمة ) سقط جنين ميت فادعى وارثه على إنسان أنه سقط بجنايته وأنكر الجناية صدق بيمينه وعلى المدعي البينة ولا يقبل إلا شهادة رجلين فإن أقر بالجناية وأنكر الإسقاط وقال السقط ملتقط فهو المصدق أيضا وعلى المدعي البينة ويقبل فيها شهادة النساء لأن الإسقاط ولادة

                                                                                                                              وإن أقر بالجناية والإسقاط وأنكر كون الإسقاط بجنايته نظر إن أسقطت عقب الجناية أو بعد مدة يغلب بقاء الألم إلى الإسقاط صدق الوارث بيمينه لأن الظاهر معه وإلا صدق الجاني بيمينه إلا أن تقوم بينة بأنها لم تزل متألمة حتى أسقطت ولا يقبل هنا إلا رجلان وضبط المتولي المدة المتخللة بما يزول فيها ألم الجناية وأثرها غالبا وإن اتفقا على سقوطه بجناية وقال الجاني سقط ميتا فالواجب الغرة وقال الوارث بل حيا ثم مات فالواجب الدية فعلى الوارث البينة بما يدعيه من استهلال وغيره ويقبل فيه شهادة النساء لأن الاستهلال لا يطلع عليه غالبا إلا النساء ولو أقام كل بينة بما يدعيه فبينة الوارث أولى لأن معها زيادة علم ا هـ مغني وروض مع شرحه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية