الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9870 - لا تنزع الرحمة إلا من شقي (حم د ت حب ك) عن أبي هريرة - (ح)

التالي السابق


(لا تنزع الرحمة إلا من شقي) لأن الرحمة في الخلق رقة القلب، ورقته علامة الإيمان، ومن لا رقة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي، فمن لا يرزق الرقة شقي، ذكره الطيبي، قال ابن العربي: حقيقة الرحمة إرادة المنفعة، وإذا ذهبت إرادتها من قلب شقي بإرادة المكروه لغيره ذهب عنه الإيمان والإسلام. قال عليه الصلاة والسلام " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمن جاره بوائقه " وكما يلزم أن يسلم من لسانه ويده، يلزم أن يسلم من قلبه وعقيدته المكروهة فيه، فإن اليد واللسان خادمان للقلب اهـ، وقال الزين العراقي: هل المراد فيه: تنزع الرحمة من قلبه بعد أن كان في قلبه رحمة؟ لأن حقيقة النزع إخراج شيء من مكان كان فيه، أو المراد: لم يجعل في قلبه رحمة أصلا، فيكون كقوله: رفع القلم عن ثلاث، والمراد شقاء الآخرة أو الدنيا أو هما؟ وبالرحمة العامة كما في رواية الطبراني ؟ قال القرطبي : الرحمة رقة وحنو يجده الإنسان في نفسه عند رؤية مبتلى أو صغير أو ضعيف، يحمله على الإحسان له واللطف والرفق به والسعي في كشف ما به، وقد جعل الله هذه الرحمة في الحيوان كله، يعطف الحيوان على نوعه وولده، ويحسن عليه حال ضعفه وصغره، وحكمتها تسخير القوي للضعيف كما مر، وهذه الرحمة التي جعلها الله في القلوب في هذه الدار التي ثمرتها هذه المصلحة العظيمة، التي هي حفظ النوع رحمة واحدة من مائة ادخرها الله يوم القيامة، يرحم بها عباده، فمن خلق الله في قلبه هذه الرحمة الحاملة على الرفق وكشف ضرر المبتلى فقد رحمه الله بذلك في الجنان، وجعل ذلك على رحمته إياه في المآل، فمن سلبه ذلك المعنى وابتلاه بنقيضه من القسوة والغلظة، ولم يلطف بضعيف، ولا أشفق على مبتلى فقد أشقاه حالا، وجعل ذلك علما على شقوته مآلا، نعوذ بالله من ذلك

(حم د) في الأدب (ت) في البر (حب ك) في التوبة (عن أبي هريرة ) قال: سمعت الصادق المصدوق صاحب هذه الحجرة أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول... فذكره، قال الحاكم : صحيح، وأقره الذهبي ، ورواه البخاري في الأدب المفرد، قال ابن الجوزي في شرح الشهاب: وإسناده صالح، ورواه عنه أيضا البيهقي ، قال في المهذب: وإسناده صالح.



الخدمات العلمية