الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8738 - من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة وهلل مائة تهليلة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر (ن) عن أبي هريرة - (صح)

التالي السابق


(من سبح) أي قال سبحان الله (في) دبر (صلاة الغداة) أي عقب فراغه من الصبح، وظاهر التقييد بها أن ذلك من خواصها فلا يحصل الموعود به على قول ما يأتي بقوله عقب غيرها، ويحتمل أنه قيد اتفاقي (مائة تسبيحة) بأن قال سبحان الله ثلاثة وثلاثين والحمد لله ثلاثة وثلاثين والله أكبر كذلك ولا إله إلا الله مرة فيكون المجموع مائة مرة، وعبر عنه بالتسبيح أوله من تسمية الكل باسم جزئه (وهلل) أي قال لا إله إلا الله (مائة تهليلة غفر له ذنوبه) بهذا الشرط وهو "من سبح"، والظاهر أن المراد الصغائر كما مر نظائره غير مرة (ولو كانت) في الكثرة (مثل زبد البحر) وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه، واختصاص هذه الألفاظ بالذكر واعتبار الأعداد المعينة بحكمة تخصها لا يطلع [ ص: 148 ] عليها إلا من خصه الله بمعرفة أسرار الحروف التي تركب منها هذا الذكر ومراتب قولها، وسئل ابن حجر: هل تحصل سنة التسبيح والتكبير المسنون دبر الصلاة بذكرها مفرقة؟ فأجاب بأنه يجوز الضم بأن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويغررها كذلك، ويجوز التفريق بأن يقول سبحان الله حتى يتم العدد وهكذا، والأفضل التفريق لزيادة العمل فيه بحركة الأصابع بالعدد

[تنبيه] قال الغزالي: لا تظن أن ما في التهليل والتقديس والتحميد والتسبيح من الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب، فسبحان الله كلمة تدل على التقديس، ولا إله إلا الله كلمة تدل على التوحيد، والحمد لله تدل على معرفة النعمة من الواحد الحق فيما وعد به من الحسنات والمغفرة ونحو ذلك بإزاء هذه المعارف، وإنما هو من أبواب الإيمان واليقين

[تنبيه] قال ابن حجر في الفتح: قال بعضهم: الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلاة إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد لا يحصل له الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصة تفوت بمجاوزة ذلك، قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي : فيه نظر لأنه أتى بالقدر الذي رتب الثواب عليه، فإذا زاد عليه من جنسه كيف يكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله اهـ. ويمكن أن يفرق بالنية، فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الوارد ثم أتى بالزيادة لم يضر وإلا ضر، وقد بالغ القرافي في قواعده فقال: من البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعا، لأن شأن العظماء إذا حدوا شيئا أن يوقف عنده ويعد الخارج عنه مسيئا للأدب، وقد مثله بعضهم بالدواء إذا زيد فيه سكر مثلا ضر، ويؤيده الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة عليه، لما فيه من قطع الولاء لاحتمال أن يكون للولاء حكمة خاصة يفوت بفوتها

(ن عن أبي هريرة ) رمز المصنف لصحته، وقضية صنيع المؤلف أنه لم يخرج في أحد الصحيحين، والأمر بخلافه، فقد خرجه مسلم في الصلاة بزيادة ولفظه: من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.



الخدمات العلمية