الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9894 - لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (حم ق 4) عن عبادة- (صح)

التالي السابق


(لا صلاة لمن لم يقرأ) فيها (بفاتحة الكتاب) أي لا صلاة كائنة لمن لم يقرأ فيها، وعدم الوجود شرعا هو عدم الصحة، هذا هو الأصل بخلاف "لا صلاة لجار المسجد" و "لا صلاة لآبق" ونحو ذلك؛ فإن قيام الدليل على الصحة أوجب كون المراد كونا خاصا، أي كاملة فعلية، يكون من حذف الخبر لا من وقوع الجار والمجرور خبرا، والشافعية يثبتون ركنية الفاتحة، وعلى معنى الوجوب عند الحنفية، فإنهم لا يقولون بوجوبها قطعا بل ظنا، لكنهم لا يخصون الفرضية والركنية بالقطعي، فيتعين قراءتها عندهم، فتبطل الصلاة بتركها، ولا يقوم غيرها مقامها، وعند الحنفية أنها مع الوجوب ليست شرطا للصحة، بل الفرض قراءة ما تيسر من القرآن لآية فاقرءوا ما تيسر منه وقوله: لا صلاة إلا بالفاتحة أو غيرها وإنه لفي زبر الأولين وأجيب عن الأول: بأن المراد الفاتحة أو من لا يعرفها جمعا، وإلا لزم النسخ والمجاز، والتعبد أولى منه، وعن الثاني: بأن راويه مطعون فيه، وأن قوله "أو غيرها" أدناه، وعن الثالث: بأنه مجاز، والمأمور به القراءة حقا اهـ. وإذا قلنا بوجوبها فعجز عنها أتى بسبع آيات، فإن عجز فذكر بعدد حروفها، خلافا لمالك قياسا على الصوم، وتمسكا بأن من كان معه شيء من القرآن فليقرأ، وإلا فليسم الله، ورد الأول بالفرق، والثاني بأنه لبيان إثبات ما قدر، ثم هذا الحديث ليس فيه إلا وجوب قراءتها، وأما تعينها في كل ركعة فعلم من دليل آخر

[تنبيه] قال ابن القيم في البدائع: قولهم: قرأت الكتاب يتعدى بنفسه، وأما قرأت بأم القرآن وحديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، ففيه نكتة بديعة قل من يفطن لها هي: أن الفعل إذا عدي بنفسه فقلت: قرأت سورة كذا، اقتضى اقتصارك عليها تخصيصا بالذكر إذا عدي بالباء، فمعناه: لا صلاة لمن لم يأت بهذه السورة في قراءته، أو في صلاة في جملة ما يقرأ به، وهذا لا يعطي الاقتصار عليها، بل يشعر بقراءة غيرها معها

[تنبيه] قال ابن عربي: شرعت المناجاة بالكلام الإلهي في القيام في الصلاة دون غيره من أحواله للاشتراك في القيومية، من كون العبد قائما في الصلاة، والله قائم على كل نفس بما كسبت، فما للعبد ما دام قائما حديث إلا مع ربه، فإن قيل: الرفع من الركوع قيام ولا قراءة فيه قلنا: إنما شرع للفصل بينه وبين السجود، فلا يسجد إلا من قيام، فلو سجد من ركوع كان خضوعا من خضوع، ولا يصح خضوع من خضوع؛ لأنه عين الخروج عما يوصف بالدخول فيه، فيكون لا خضوع مثل عدم العدم، ومن ثم فصل بين السجدتين برفع ليفصل بين حال الخضوع ونقيضه، ولهذا كانت الملوك يحيون بالانحناء وهو الركوع، أو بوضع الوجه بالأرض وهو السجود، وإذا تواجهوا وأثنوا عليهم قام المتكلم أو المثني بين يديه، فلا يكلمه في غير حال القيام

(حم ق 4) في الصلاة (عن عبادة) بن الصامت.



الخدمات العلمية