الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1087 ص: وكذلك كان يكتب إلى عماله:

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا أبو عمر الحوضي ، قال: ثنا يزيد بن إبراهيم ، قال: ثنا محمد بن سيرين ، عن المهاجر : " أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كتب إلى أبي موسى -رضي الله عنه- أن صل الفجر بسواد - أو قال: بغلس - وأطل القراءة " .

                                                وحدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا يزيد بن هارون ، قال: أنا ابن عون ، عن محمد ، عن المهاجر ، عن عمر مثله.

                                                قال أبو جعفر - رحمه الله -: أفلا تراه يأمرهم أن يكون دخولهم فيها بغلس، وأن يطيلوا القراءة ؟! فذلك عندنا إرادة منه أن يدركوا الإسفار.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي مثل ما كان عمر -رضي الله عنه- يفعل من الشروع في صلاة الصبح في الغلس، وتطويل القراءة إلى الإسفار الشديد ، كان كذلك يكتب إلى عماله - بضم العين وتشديد الميم - جمع عامل، وأراد بهم نوابه في بلاد الإسلام، وكان أبو موسى الأشعري ، واسمه عبد الله بن قيس من جملة نوابه، وكان عمر -رضي الله عنه- استنابه على البصرة ، واستعمله عثمان -رضي الله عنه- على الكوفة ، توفي بمكان يقال له: الثوية ، على ميلين من الكوفة ، سنة اثنين وخمسين، وقيل: سنة إحدى، وقيل: سنة ثنتين وأربعين، وقيل: غير ذلك.

                                                وأخرج الأثر المذكور من طريقين حسنين جيدين.

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي شيخ البخاري ، ونسبته إلى حوض داود بن المهدي بن المنصور ، محلة ببغداد .

                                                عن يزيد بن إبراهيم التستري البصري ، عن محمد بن سيرين ، عن المهاجر - غير [ ص: 411 ] منسوب - ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: لا أدري من هو، ولا ابن من هو.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا ابن إدريس ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، قال: أخبرني المهاجر قال: "قرأت كتاب عمر إلى أبي موسى -رضي الله عنهما- فيه مواقيت الصلوات، فلما انتهى إلى الفجر - أو قال: إلى الغداة - قال: قم فيها بسواد - أو بغلس - وأطل القراءة" .

                                                قوله: "بسواد" أراد به سواد الصبح بعد طلوع الفجر الثاني، وكذلك الغلس وقد مر غير مرة، أن المراد منه: اختلاط ظلام الليل ببياض النهار.

                                                الثاني: عن علي بن شيبة بن الصلت ، عن يزيد بن هارون الواسطي شيخ أحمد ، عن عبد الله بن عون بن أرطبان المزني البصري ، عن محمد بن سيرين ، عن المهاجر مثله.

                                                وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه": عن معمر ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، قال: "كتب عمر -رضي الله عنه-: أن صل الصبح إذا طلع الفجر والنجوم مشتبكة بغلس، وأطل القراءة" .




                                                الخدمات العلمية