الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1089 ص: وكذلك كل من روينا عنه في هذا شيئا سوى عمر -رضي الله عنه- قد كان ذهب إلى هذا المذهب أيضا.

                                                حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال: ثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال: " صلى بنا أبو بكر -رضي الله عنه- صلاة الصبح، فقرأ بسورة آل عمران ، فقالوا: قد كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين" .

                                                وحدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم ، قال: أنا ابن لهيعة ، قال: ثنا عبيد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: "صلى بنا [ ص: 412 ] أبو بكر -رضي الله عنه- صلاة الصبح، فقرأ بسورة البقرة في الركعتين جميعا، فلما انصرف قال له عمر -رضي الله عنه-: كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين" .

                                                قال أبو جعفر - رحمه الله -: فهذا أبو بكر -رضي الله عنه- قد دخل فيها في وقت غير الإسفار، ثم مد القراءة فيها حتى خيف عليه طلوع الشمس، وهذا بحضرة أصحاب رسول الله -عليه السلام- وبقرب عهدهم برسول الله -عليه السلام- وبفعله، لا ينكر ذلك عليه منهم منكر؛ فدل ذلك على متابعتهم له، ثم فعل ذلك عمر -رضي الله عنه- من بعده فلم ينكر عليه من حضره منهم؛ فثبت بذلك أن هكذا يفعل في صلاة الفجر، وأن ما علموا من فعل رسول الله -عليه السلام- فغير مخالف لذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي كل من روينا عنه من الصحابة في هذا الباب سوى عمر -رضي الله عنه- قد كانوا يذهبون إلى مذهب عمر -رضي الله عنه- في شروعهم في صلاة الصبح في الغلس، ومدهم القراءة إلى الإسفار الشديد ، قصدا منهم لما قصده عمر -رضي الله عنه-.

                                                قوله: "حدثنا سليمان ..." إلى آخره، بيان لما قبله، وأخرجه عن طريقين:

                                                الأول: عن سليمان بن شعيب بن سليمان الكيساني ، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي ، عن شعبة بن الحجاج ، عن قتادة ، عن أنس .

                                                وهذا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن ابن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس : "أن أبا بكر -رضي الله عنه- قرأ في صلاة الصبح بالبقرة، فقال له عمر -رضي الله عنه- حين فرغ: كربت الشمس أن تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين" .

                                                وأخرج عبد الرزاق : عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال: "صليت خلف أبي بكر ، فاستفتح بسورة آل عمران ، فقام إليه عمر فقال: يغفر الله لك، لقد كادت الشمس تطلع قبل أن تسلم، فقال: لو طلعت لألفتنا غير غافلين" .

                                                [ ص: 413 ] الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم المعروف بابن أبي مريم المصري شيخ البخاري ، عن عبد الله بن لهيعة فيه مقال، عن عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب السبائي المصري ، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي الصحابي ، والزبيدي - بضم الزاي وفتح الباء - نسبة إلى زبيد الأكبر ، وإليه ترجع قبائل زبيد .

                                                قوله: "فهذا أبو بكر قد دخل فيها - أي في صلاة الصبح..." إلى آخره غني عن البيان.




                                                الخدمات العلمية