الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2163 [ 1100 ] وعن حفصة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع. قالت حفصة: فقلت: ما يمنعك أن تحل؟ قال: إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر هديي .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 283 و 285 )، والبخاري (1566)، ومسلم (1229) (179)، وأبو داود (1806)، والنسائي (5 \ 136)، وابن ماجه (3046) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقول حفصة : ( إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع ) إنما فعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - ليسوي بينهن وبين من لم يسق الهدي من الناس ; الذين أهلوا بالحج ; لأن أزواجه - صلى الله عليه وسلم - لم يسقن الهدي .

                                                                                              وقولها : ( ما يمنعك أن تحل ؟ ) كذا في رواية ابن جريج عن نافع ، عن [ ص: 355 ] ابن عمر ، عنها . ولم يذكر فيها : (من عمرتك) وذكره مالك وغيره عن نافع ، ويظهر من قولها هذا : أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم بعمرة وحدها ، كما سيأتي في حديث ابن عباس : أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعمرة ، وظاهر هذه الروايات حجة لمن قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان متمتعا . وقد بينا صحيح ما أحرم به . وقد تأول من قال : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنا ، هذه الروايات : بأن حفصة وابن عباس عبرا بالإحرام بالعمرة عن القران ; لأنها السابقة في إحرام القارن ، قولا ونية ، أو نية . ولا سيما على ما ظهر من حديث ابن عمر : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مردفا ، وهذا واضح . وأما من روى : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مفردا بالحج فتأول ذلك تأويلات بعيدة ، أقربها : أن معنى قولها : (من عمرتك) أي : بعمرتك . كما قال تعالى : يحفظونه من أمر الله ; أي : بأمر الله . وكقوله : من كل أمر ; أي : بكل أمر . فكأنها قالت : ما يمنعك أن تحل بعمرة تصنعها ؟ فأخبرها بسبب منعه من ذلك. وقد ذكرنا ذلك المعنى مرارا. وقال محمد بن أبي صفرة : مالك يقول في هذا الحديث : (من عمرتك) ، وغيره يقول : (من حجك) .




                                                                                              الخدمات العلمية