الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3283 [ 1262 ] وعن الصعب بن جثامة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل له: لو أن خيلا أغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين؟ ... فقال: "هم من آبائهم" .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 38 و 71) ومسلم (1745) (28)، وأبو داود (4712)، والترمذي (1570).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ( لو أن خيلا أغارت من الليل ) ; أي : أسرعت طالبة غرة العدو ، والإغارة : سرعة السير ، ومنه قولهم : (أشرق ثبير كيما نغير) ; أي : نسرع في [ ص: 529 ] النفر . والغارة : الخيل نفسها . وشن الغارة ; أي : أرسل الخيل مسرعة . ويقال : أغارت الخيل ليلا ، وضحى ، ومساء ، إذا كان ذلك في تلك الأوقات . فأما البيات : فهو أن يؤخذ العدو على غرة بالليل .

                                                                                              وقوله في ذراري المشركين يبيتون : ( هم من آبائهم ) ; الذرية : تطلقه العرب على الأولاد والعيال والنساء . حكاه عياض . ومعنى الحديث : أن حكمهم حكم آبائهم في جواز قتلهم عند الاختلاط بهم في دار كفرهم . وبه قال الجمهور : مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، والثوري . ورأوا رميهم بالمجانيق في الحصون ، والمراكب.

                                                                                              واختلف أصحابنا ; هل يرمون بالنار إذا كان فيهم ذراريهم ونساؤهم ، على قولين . وأما إذا لم يكونوا فيهم ; فهل يجوز رمي مراكبهم وحصونهم بالنار ؟ أما إذا لم يوصل إليهم إلا بذلك ، فالجمهور على جوازه ، وأما إذا أمكن الوصول إليهم بغيره ، فالجمهور على كراهته ; لما ثبت من قوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يعذب بالنار إلا الله) . وأما إذا كان فيهم مسلمون ; فمنعه مالك جملة . وهو الصحيح من مذهبه ومذهب جمهور العلماء . وفي المسألة تفصيل يعرف في الأصول .




                                                                                              الخدمات العلمية