الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما شروط وقوعه عن حجة الإسلام فخمسة : الإسلام ، والحرية ، والبلوغ ، والعقل ، والوقت .

فإن أحرم الصبي أو العبد ولكن عتق العبد وبلغ الصبي بعرفة أو بمزدلفة وعاد إلى عرفة قبل طلوع الفجر أجزأهما عن حجة الإسلام لأن الحج عرفة وليس عليهما دم إلا شاة .

وتشترط هذه الشرائط في وقوع العمرة عن فرض الإسلام إلا الوقت

التالي السابق


(فأما شرط وقوعه عن حجة الإسلام فخمسة : الإسلام ، والحرية ، والبلوغ ، والعقل ، والوقت ) والدليل على اعتبار الحرية والبلوغ ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : "أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام ، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام " والمعنى فيه أن الحج عبادة عمر لا تتكرر ، فاعتبر وقوعها في حال الكمال ، وإذا جمعت شرائط هذا الحكم قلت هي أربع : الإسلام ، والتمييز ، والبلوغ ، والحرية ، وأما الوقت فهو شرط لكل من الصحة المطلقة ، وشرط الوقوع ، وكذا الإسلام والبلوغ والعقل ، فالزوائد اثنان ، فإن اختصرت قلت في ثلاث : الإسلام ، والتكليف ، والحرية ، وعليه مشى المصنف في الوجيز ، ولو تكلف الفقير الحج وقع حجه عن الفرض ، كما لو تحمل الغني خطر الطريق وحج ، وكما لو تحمل المريض المشقة وحضر الجمعة (فإن أحرم الصبي أو العبد ولكن عتق العبد وبلغ الصبي بعرفة أو بمزدلفة وعاد إلى عرفة قبل طلوع الفجر أجزأهما عن حجة الإسلام لأن الحج عرفة) وقد روى أحمد والأربعة والحاكم والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن يعمر : "الحج عرفة ، من جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد أدرك الحج " الحديث . (ليس عليهما إلا دم شاة ، وتشترط هذه الشرائط في وقوع العمرة عن فرض الإسلام إلا الوقت) قال أصحابنا : لو أحرم صبي أو عبد فبلغ أو عتق فمضى لم يجز عن فرضه ؛ لأن إحرامه انعقد لأداء النفل ، فلا ينقلب للفرض كالصرورة ، كما إذا أحرم للنفل لا يؤدي به الفرض ، وكإحرام الصلاة إذا عقد للنفل ليس له أن يؤدي الفرض .

فإن قيل : [ ص: 290 ] الإحرام شرط عندكم ، فوجب أن يجوز أداء الفرض به ، كالصبي إذا توضأ ثم بلغ جاز له أن يؤدي الفرض بذلك الوضوء . قلنا : الإحرام يشبه الركن من وجه من حيث اتصال الأداء به ، فأخذنا بالاحتياط في العبادة ، وأصل الخلاف في الصبي إذا بلغ في أثناء الصلاة بالسن يكون عن الفرض عند الشافعي ، وعندنا لا يكون عنه ، ولو جدد الصبي الإحرام قبل الوقوف بعرفة ونوى حجة الإسلام أجزأه ، ولو فعل العبد ذلك لم يجزه عنه ؛ لأن إحرام الصبي غير لازم لعدم الأهلية ، فيمكن الخروج بالشروع في غيره ، وإحرام العبد لازم ، فلا يمكنه ذلك ، ألا ترى أن الصبي إذا أحصر وتحلل لا قضاء عليه ولا دم ، ولا يلزمه الجزاء بارتكاب محظوراته ، والله أعلم .




الخدمات العلمية