الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثاني القران وهو أن يجمع فيقول لبيك بحجة وعمرة معا ، فيصير محرما بهما ويكفيه أعمال الحج ، وتندرج العمرة تحت الحج كما يندرج الوضوء تحت الغسل إلا أنه إذا طاف وسعى قبل الوقوف بعرفة فسعيه محسوب من النسكين ، وأما طوافه فغير محسوب لأن شرط الطواف الفرض في الحج أن يقع بعد الوقوف وعلى القارن دم شاة إلا أن يكون مكيا فلا شيء عليه ؛ لأنه لم يترك ميقاته إذ ميقاته مكة .

التالي السابق


(الثاني القران) وهو بالكسر مصدر قرن بين الحج والعمرة إذا جمع بينهما بنية واحدة ، هذا هو المفهوم من صريح كلام أئمة اللغة ، ومصدر الثلاثي يجيء على وجوه كثيرة منها فعال بالكسر ، وظاهر كلام المصباح أنه اسم لا مصدر . (وهو) أي : القران صورته الأصلية (أن يجمع) بين الحج والعمرة (فيقول لبيك بحجة وعمرة معا ، فيصير محرما بهما) جميعا (ويكفيه) أي : القارن (أعمال الحج ، وتندرج العمرة تحت الحج) فيتحد الميقات والفعل (كما يندرج الوضوء تحت الغسل) وقال أبو حنيفة : لا يتحد الفعل فيأتي بطوافين وسعيين أحدهما للحج والآخر للعمرة (إلا أنه إذا طاف وسعى قبل الوقوف بعرفة فسعيه محسوب من النسكين ، وأما طوافه فغير محسوب لأن شرط طواف الفرض في الحج أن يقع بعد الوقوف) اعلم أنه إن أحرم بالعمرة في أشهر الحج وأدخل عليها الحج في أشهره فإن لم يشرع في الطواف جاز وصار قارنا ، وإن شرع في الطواف فأتمه لم يجز إدخال الحج عليها لمعان أربعة ذكرها الرافعي في شرحه ، ولوأحرم بالحج في وقته أولا ثم أدخل عليه العمرة ففي جوازه قولان : القديم وبه قال أبو حنيفة أنه يجوز . والجديد وبه قال أحمد أنه لا يجوز ؛ لأن الحج أقوى وآكد من العمرة لاختصاصه بالوقوف والرمي ، والضعيف لا يدخل على القوي ، وإن جوزنا إدخال العمرة على الحج فإلى متى ؟ فيه وجوه : أحدها : أنه يجوز قبل طواف القدوم ، ولا يجوز بعد اشتغاله به لإتيانه بعمل من أعمال الحج ، وذكر في التهذيب أن هذا أصح . والثاني : يحكى عن الحصري أنه يجوز بعد طواف القدوم ما لم يسع وما لم يأت بفرض من فروض الحج ، فإن اشتغل بشيء فلا . والثالث : يجوز وإن اشتغل بفرض ، ما لم يقف بعرفة ، فإذا وقف [ ص: 304 ] فلا ، وعلى هذا لو كان قد سعى فعليه إعادة السعي ليقع عن النسكين جميعا ، كذا قاله الشيخ في شرح الفروع . والرابع : يجوز وإن وقف ما لم يشتغل بشيء من أسباب التحلل من الرمي وغيره ، فإن اشتغل به فلا ، وعلى هذا لو كان قد سعى فقياس ما ذكره الشيخ وجوب إعادته ، وحكى الإمام فيه وجهين ، وقال في المذهب أنه لا يجب (و) يجب (على القارن دم شاة) لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بقرة وكن قارنات ، ولأن الدم واجب على المتمتع بنص القرآن ، وأفعال المتمتع أكثر من أفعال القارن ، وإذا وجب عليه الدم فلأن يجب على القارن أولى ، ونقل صاحب "العدة " وجهين في أن دم القران دم جبر أو دم نسك ، قال : والمشهور أنه دم جبر . . أهـ .

وعن مالك أن على القارن بدنة ، وحكى الحناطي عن القديم مثله (إلا أن يكون مكيا) أي : من أهل مكة (فلا شيء عليه ؛ لأنه لم يترك ميقاته إذ ميقاته مكة ) وجميع الحرم ميقاته .




الخدمات العلمية