الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وليتصدق باللحم .

وله أن يزور البيت في ليالي منى بشرط أن لا يبيت إلا بمنى ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ولا يتركن حضور الفرائض مع الإمام في مسجد الخيف فإن فضله عظيم فإذا أفاض من منى فالأولى أن يقيم بالمحصب من منى ، ويصلي العصر والمغرب والعشاء ويرقد رقدة فهو السنة .

رواه ، جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، فإن لم يفعل ذلك فلا شيء عليه .

التالي السابق


(ويتصدق باللحم) ; لأنه دم واجب فليجتنب أكله (وله أن يزور البيت) الشريف (في ليالي منى بشرط أن لا يبيت إلا بمنى، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) ، رواه أبو داود في المراسيل من حديث طاوس. قال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفيض كل ليلة من ليالي منى، قال أبو داود: وقد أسند. قال العراقي: وصله ابن عدي عن طاوس عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور البيت أيام منى، وفيه عمر بن رباح ضعيف، والمرسل صحيح الإسناد، ولأبي داود من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث بمنى ليالي أيام التشريق (ولا يترك حضور الفرائض) أي الصلاة (مع الإمام بمسجد الخيف فإن فضله عظيم) والخيف في الأصل ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع من مسيل الماء، وبه سمي المسجد بمنى; لأنه بني على خيف الجبل، وقال ابن جماعة: في منسكه ويستحب التبرك بالصلاة في مسجد الخيف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في مكانه سبعون نبيا منهم: موسى عليه السلام، وأنه فيه قبر سبعين نبيا. ويقال: إن مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الأحجار أمام المنارة اهـ .

(فإذا أفاض من منى فالأولى أن يقيم بالمحصب من منى، ويصلي العصر والمغرب والعشاء ويرقد رقدة فهي السنة، روي ذلك عن جماعة من الصحابة، فإن لم يفعل ذلك فلا شيء عليه) ، وعبارة الرافعي، واعلم أن الحاج إذا فرغ من رمي اليوم الثالث من أيام التشريق فيستحب له أن يأتي المحصب، وينزل به ليلة الرابع عشر، ويصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء .

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 406 ] صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء، ثم هجع بها هجعة، ثم دخل مكة، ولو ترك النزول به لم يلزمه شيء، روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب، وليس سنة من شاء نزله، ومن لم يشأ لم ينزله، وحد المحصب من الأبطح ما بين الجبلين إلى المقبرة يسمى به لاجتماع الحصا فيه لحمل السبيل فإنه موضع منهبط اهـ .

قال الحافظ: رواه البخاري عن أنس بلفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب ورواه من حديث ابن عمر بلفظ: صلى الظهر والمغرب والعشاء بالبطحاء، ثم هجع هجعة، ثم ركب إلى البيت فطاف به، وأما حديث عائشة فلم أره هكذا، ولمسلم عنها: نزول الأبطح ليس بسنة، ولهما عن عروة أنها لم تكن تفعل ذلك يعني نزول الأبطح، وتقول: إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم; لأنه كان أسمح لخروجه اهـ .

قلت: أما حديث عروة عن عائشة فرواه مسلم والنسائي من هذا الوجه من رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون بالأبطح، قال الزهري: وأما عروة عن عائشة فإنها لم تكن تفعل ذلك. الحديث، واقتصر النسائي على ذكر ابن عمر، وأخرجه الأئمة الستة من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم; لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج، هذا لفظ مسلم. والباقي بمعناه، ولم يقل البخاري والترمذي: ليس بسنة .

ورواه النسائي وابن ماجه من رواية إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: أدلج رسول الله صلى الله عليه وسلم من البطحاء ليلة النفر إدلاجا، قال النووي: المحصب والحصبة والأبطح والبطحاء وخيف بني كنانة اسم لشيء واحد اهـ .

وروى البخاري عن خالد بن الحارث قال: سئل عبيد الله عن التحصيب، فحدثنا عن نافع قال: نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر وابن عمر وعن نافع أن ابن عمر كان يصلي بها الظهر والعصر أحسبه قال: والمغرب، قال خالد: لا أشك في العشاء، ويهجع هجعة، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن النزول به مستحب عند الأئمة الأربعة وهو عند الحجازيين آكد منه عند الكوفيين، قاله ابن عبد البر، وقول المصنف روي ذلك عن جماعة من الصحابة فالمراد بهم أبو بكر وعمر وابن عمر، كما في صحيح مسلم، وعثمان كما عند الترمذي وابن ماجه، وقد روي إنكاره عن عائشة وابن عباس، وطاووس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والله أعلم .




الخدمات العلمية