الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2796 ص: فذهب قوم إلى هذه الآثار فاتبعوها وجعلوها أصلا وقلدوها ، وأمروا من مرت به جنازة أن يقوم لها حتى تتوارى عنه ، ومن مشى معها أن لا يقعد حتى توضع .

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء : المسور بن مخرمة وقتادة ومحمد بن سيرين والشعبي والنخعي وإسحاق بن إبراهيم وعمرو بن ميمون ; فإنهم ذهبوا إلى هذه الآثار وهي أحاديث عثمان بن عفان وعامر بن ربيعة وعبد الله بن عمرو بن العاص وسهل بن حنيف وقيس بن سعد بن عبادة وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهم - ولم يروها منسوخة ، وقالوا : من مرت به جنازة يقوم لها ، ومن مشى معها لا يقعد حتى توضع عن أعناق الناس .

                                                قال أبو عمر في "التمهيد " : جاءت آثار صحاح ثابتة توجب القيام للجنازة ، وقال بها جماعة من السلف والخلف ورأوها غير منسوخة ، وقالوا : لا يجلس من اتبع الجنازة حتى توضع عن أعناق الرجال ، منهم : الحسن بن علي وأبو هريرة والمسور بن مخرمة وابن عمر ، وابن الزبير وأبو سعيد الخدري وأبو موسى الأشعري ، والنخعي والشعبي وابن سيرين ، وذهب إلى ذلك الأوزاعي وأحمد وإسحاق ، وبه قال محمد بن الحسن ، وجاءت أيضا آثار صحاح ناسخة لذلك ، وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ومالك والشافعي . انتهى . [ ص: 285 ] وقال الحازمي : اختلف أهل العلم في هذا ; فقال بعضهم : على الجالس أن يقوم إذا رأى الجنازة ، وممن رأى ذلك : أبو مسعود البدري وأبو سعيد الخدري وقيس بن سعد وسهل بن حنيف وسالم بن عبد الله .

                                                وقال أحمد بن حنبل : إن قام لم أعبه ، وإن قعد فلا بأس . وبه قال إسحاق بن إبراهيم

                                                وزعم صاحب "المهذب " أنه مخير بين القيام والقعود ، وفي شرحه : قال جماعة : يكره القيام إذا لم يرد المشي معها . وبه قال أبو حنيفة ، وقال صاحب "التتمة " : يستحب القيام ، وحديث علي - رضي الله عنه - مبين للجواز ، وقال القرطبي : فأما القيام على القبر حتى يقبر فكرهه قوم ، وعمل به آخرون ، روي ذلك عن علي وعثمان وابن عمر ، وأمر به عمرو بن العاص .




                                                الخدمات العلمية