الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2844 ص: وقالوا : في حديث زيد بن أرقم الذي بدأنا بذكره في هذا الباب أنه كان يكبر على الجنائز أربعا قبل المرة التي فيها كبر خمسا ، فلا يجوز أن يكون كان يفعل ذلك ، وقد كان رأي النبي - عليه السلام - يفعل خلافه إلا لمعنى قد رأى النبي - عليه السلام - يفعله ، وهو ما رواه عنه أبو سلمان المؤذن في صلاته على أبي سريحة - رضي الله عنه - ، وفي تكبيره عليه أربعا . ويحتمل تكبيره على تلك الجنائز خمسا أن يكون ذلك لأن حكم ذلك الميت أن يكبر عليه خمسا ، لأنه من أهل بدر ; " فإنهم قد كانوا يفضلون في التكبير في الصلاة عليهم على ما يكبر على غيرهم .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قال الآخرون ، وهم أهل المقالة الثانية ، وأراد به الجواب عن حديث زيد بن أرقم المذكور في أول الباب الذي احتجت به أهل المقالة الأولى ، بيانه : أن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - كان يكبر أربعا ثم كبر خمسا مرة ، على ما رواه ابن أبي ليلى عنه ، فلا يجوز أن يصدر منه هذا الفعل والحال أنه قد كان رأى النبي - عليه السلام - يفعل بخلافه إلا لأجل معنى وقف عليه من جهة النبي - عليه السلام - ، وهو ما رواه عنه أبو سلمان المؤذن في صلاته على أبي سريحة بأربع تكبيرات ، ثم يحتمل تكبيره خمسا في تلك المرة التي رواها عنه ابن أبي ليلى أن يكون لأجل حكم ذلك الميت أن يكبر عليه خمسا ; لأنه كان من أهل بدر ، وقد كان أهل بدر يفضلون في التكبير في الصلاة عليهم على ما [ ص: 348 ] يكبر على غيرهم ، على ما يجيء : "أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان يكبر على أهل بدر ستا ، وعلى أصحاب رسول الله - عليه السلام - خمسا ، وعلى سائر الناس أربعا " .

                                                وروى الحازمي في كتابه "الناسخ والمنسوخ " عن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي ، نا نافع أبو هرمز ، نا أنس بن مالك : "أن رسول الله - عليه السلام - كبر على أهل بدر سبع تكبيرات ، وعلى بني هاشم سبع تكبيرات ، وكان آخر صلاته أربعا ، حتى خرج من الدنيا " . قال : وإسناده واه ، وقد روي آخر صلاته كبر أربعا من عدة روايات كلها ضعيفة ، ولذلك جعل بعض العلماء الأمر على التوسع ، وأن لا وقت ولا عدد ، وجمعوا بين الأحاديث وقالوا : كان النبي - عليه السلام - يفضل أهل بدر على غيرهم وكذا بني هاشم فكان يكبر عليهم خمسا وعلى من دونهم أربعا ، وأن الذي أخر صلاة النبي - عليه السلام - لم يكن الميت من بني هاشم ولا من أهل بدر .




                                                الخدمات العلمية