الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2955 [ ص: 482 ] ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله- : فذهب قوم إلى هذا الحديث وأباحوا الصدقة على بني هاشم .

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء : طائفة من المالكية وأبا حنيفة في رواية وبعض الشافعية ; فإنهم أباحوا الصدقة على بني هاشم ، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور .

                                                وممن قال بقولهم أبو بكر الأبهري من المالكية ، وأبو سعيد الإصطخري من الشافعية .

                                                وتحرير هذه المسألة أن نقول : لا خلاف في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة ; لقوله - عليه السلام - : "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس " .

                                                رواه مسلم .

                                                وعن أبي يوسف والإصطخري والقاضي يعقوب وأبي البقاء من الحنابلة : إن منعوا الخمس أخذوا الزكاة .

                                                وروى أصبغ عن ابن القاسم قال : لا تحل لهم الصدقات الواجبة ولا يحل لهم التطوع .

                                                وعنهم : تحل لهم كلها فرضها ونفلها .

                                                وأما الهاشمي إذا دفع زكاته إلى هاشمي مثله يجوز عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف .

                                                وكذلك يجوز صرف صدقة التطوع إليهم على وجه الصلة ، وعن مالك : لا يجوز ، وكذا عن بعض الحنابلة .

                                                وجزم في "الروضة " بتحريم النفل على بني هاشم ومواليهم ، وأن النذور والكفارات كالزكاة ، وإن حرمت صدقة التطوع على بني هاشم ، فالنبي - عليه السلام - أولى . [ ص: 483 ] وأما بنو عبد المطلب فيجوز لهم أخذ الزكاة عندنا . وهو رواية عن أحمد ، وعنه : لا يجوز . نقلها عبد الله بن أحمد .

                                                وأما موالي بني هاشم فكذلك تحرم عليهم الزكاة . وعن الشافعي في قول ومالك في رواية تجوز ، وعن الشافعي كقولنا .

                                                وقال ابن قدامة في "المغني " : لا نعلم خلافا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة ، ولا لمواليهم ، وقال أكثر العلماء : تجوز ; لأنهم ليسوا بقرابة النبي - عليه السلام - ، فلم يمنعوا الصدقة كسائر الناس ، ولأنهم لم يعوضوا عنها بخمس الخمس ، فإنهم لا يعطون منه .

                                                فأما بنو المطلب فهل لهم الأخذ من الزكاة ؟ على روايتين :

                                                إحداهما : ليس لهم ذلك .

                                                والرواية الثانية : لهم الأخذ منها ، وهو قول أبي حنيفة .

                                                وقال عياض في "شرح مسلم " : اختلف العلماء في الصدقة المحرمة على آل النبي - عليه السلام - ، فقيل : الفريضة فقط ، وهو قول مالك ، وكثير من أصحابه ، وأحد قولي أبي حنيفة .

                                                وقال أبو حنيفة أيضا : إنها كلها حلال لبني هاشم وغيرهم ، وإنما كان ذلك محرما عليهم إذا كانوا يأخذون سهم ذوي القربى ، فلما قطع عنهم ، حلت لهم ، ونحوه عن الأبهري من شيوخنا ، وروي عن أبي يوسف أنها حرام عليهم من غيرهم حلال لهم صدقة بعضهم على بعض .

                                                وحكى ابن القصار عن بعض أصحابنا أنها تحرم عليهم في التطوع دون الفريضة ; لأنها لا منة فيها . [ ص: 484 ] واختلف من هم آل محمد - عليه السلام - ؟ فقال مالك وأكثر أصحابه : هم بنو هاشم خاصة .

                                                ومثله عن أبي حنيفة ، واستثني آل أبي لهب . وقال الشافعي : هم بنو هاشم ، ويدخل فيه بنو المطلب أخي هاشم دون سائر بني عبد مناف .

                                                وفي "الحاوي في فقه أحمد " ولا لبني هاشم يعني : ولا يجوز دفع الزكاة لبني هاشم وإن منعوا الخمس وعندي إن منعوا الخمس جاز ، ولا لمواليهم ولا أولاد بناتهم ، وفي بني المطلب روايتان . ولهم الأخذ من صدقة التطوع في أصح الروايتين .

                                                وقال ابن شاس في "الجواهر " : وإذا قلنا بأنهم لا يعطون أي بأن آل الرسول - عليه السلام - ، فمن هم ؟ لا خلاف في عد بني هاشم وعدم عد من فوق ببني غالب ، وفي عد من بنيهما خلاف عدهم أشهب واقتصر ابن القاسم على بني هاشم .

                                                واختلف أيضا في إعطاء مواليهم منها ، فأجازه ابن القاسم ومنعه مطرف وابن الماجشون وابن نافع وأصبغ وابن حبيب .




                                                الخدمات العلمية