الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2619 ص: فإن قال قائل : فإذا كانت الإشارة في المسألة عندكم قد ثبت أنها بخلاف الكلام ، وأنها لا تقطع الصلاة كما يقطعها ، واحتججتم في ذلك بهذه الآثار التي رويتموها عن رسول الله - عليه السلام - ، فلم كرهتم رد السلام من المصلي بالإشارة ؟ وقد فعل ذلك رسول الله - عليه السلام - فيما رويتموه في هذه الآثار ، لئن كان ذلك حجة لكم في أن الإشارة لا تقطع الصلاة ، فإنه حجة عليكم في أن الإشارة لا بأس بها :

                                                قيل له : أما ما احتججنا بهذه الآثار من أجله وهو أن الإشارة لا تقطع الصلاة فقد ثبت ذلك بهذه الآثار على ما احتججنا به منها .

                                                وأما ما ذكرت من إباحة الإشارة في الصلاة في رد السلام فليس فيها دليل على ذلك ، وذلك أن الأمر الذي هو فيها هو أن رسول الله - عليه السلام - أشار إليهم فلو قال لنا رسول الله - عليه السلام - : إن تلك الإشارة أردت بها رد السلام على من سلم علي ثبت بذلك أن كذلك حكم المصلي إذا سلم عليه في الصلاة ، ولكنه لم يقل من ذلك شيئا ، فاحتمل أن يكون الإشارة كانت ردا منه للسلام كما ذكرتم ، واحتمل أن تكون [ ص: 90 ] كانت منه نهيا لهم عن السلام عليه وهو يصلي ، فلما لم يكن في هذه الآثار من هذا شيء ، واحتمل من التأويل ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين ; لم يكن ما تأول أحد الفريقين أولى منها مما تأوله الآخر إلا بحجة يقيمها على مخالفه ، إما من كتاب ، وإما من سنة ، وإما من إجماع .

                                                التالي السابق


                                                ش: ملخص السؤال : أن هذه الأحاديث وإن كانت حجة لكم في أن الإشارة في الصلاة غير قاطعة لها ، فهي حجة عليكم في كراهتكم رد السلام من المصلي بالإشارة ; لأنه - عليه السلام - قد فعل ذلك .

                                                وملخص الجواب : أن إشارة النبي - عليه السلام - تحتمل وجهين : أحدهما ما ذهب إليه المخالف في أن إشارته كانت ردا منه للسلام .

                                                والآخر يحتمل أن تكون إشارته تلك نهيا منه إياهم عن السلام عليه وهو في الصلاة ، فإذا كان كذلك لم يكن لأحد الفريقين أن يرجح أحد الاحتمالين إلا بمرجح من الكتاب أو السنة أو الإجماع وإلا فمتى ذهب أحد الفريقين إلى أحد الاحتمالين يذهب إلى الآخر ، فافهم ، والله أعلم .




                                                الخدمات العلمية