الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن هربت وامتنعت فلا نفقة لها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا هربت بالجنون من زوجها ومنعته من نفسها صارت ناشزا وسقطت نفقتها : لأن النفقة عوض في مقابلة تمكين ، فإذا لم يوجد التمكين الذي هو معوض بطل ما في مقابلته من النفقة التي عوض كالسلعة إذا بلغت في يد البائع بطل ما في مقابلتها من الثمن فإن قيل : [ ص: 134 ] فالجنون عذر ، وليست فيه عاصية ، فهلا كانت نفقتها مع تعذر الاستمتاع باقية كما لو مرضت أو صلت أو صامت ؟ قيل : حقوق الأموال بين الآدميين يستوي في وجوبها وسقوطها حكم المطيع والعاصي والمعذور وغير المعذور ، ألا ترى أن البائع لو تلفت السلعة في يده لجائحة سمائية ، فهو معذور مطيع ، وقد سقط ما في مقابلتها من الثمن ، كما لو استهلكها بنفسه فصار عاصيا غير معذور ؟ كما أن الزوجة لو سافرت في الحج سقطت نفقتها ، وإن كانت مطيعة كما لو هربت ناشزا في معصية ، فكذلك حال المجنونة .

                                                                                                                                            فأما المريضة : فهي غير ممتنعة منه ، وإنما المرض منعه منها كما يمنع الحيض ، ولو منعته في المرض ما أمكن أن يستمتع به من المريضة من نظر وقبلة ولمس سقطت نفقتها ، فأما ما وجب من صلاة وصيام ، فالشرع قد استثنى زمانه من الاستمتاع كما أن زمان النوم مستثنى ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية