الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا ، فلا يخلو حالة الزوجين إذا خلوا من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            إحداهن : أن يتفقا على الإصابة ، فيكمل المهر وتجب العدة وتستحق الرجعة ، إجماعا على الأقاويل كلها .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يتفقا على عدم الإصابة ، فعلى قول الشافعي في الجديد والإملاء لا يكمل المهر ، ولا تجب العدة ، ولا تستحق الرجعة .

                                                                                                                                            فعلى هذا : لو جاءت بولد لستة أشهر فصاعدا من وقت العقد ، وقد اتفقا على الإصابة بينهما لحق به الولد ؛ لأنها فراش .

                                                                                                                                            وفي استكمال المهر على الجديد والإملاء وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يستكمل المهر ؛ لأن حدوث الولد دليل على تقدم الإصابة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يستكمل المهر ، ولا يكون لها إلا نصفه ، لجواز أن يكون قد استدخلت منيه فعلقت منه من غير إصابة .

                                                                                                                                            [ ص: 545 ] فأما على قوله في القديم ، ففيه وجهان لأصحابنا :

                                                                                                                                            أحدهما : أن المهر كامل والعدة واجبة والرجعة مستحقة ، اعتبارا بحكم الخلوة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - : أنه لا يكمل المهر ، ولا تجب العدة ، ولا تستحق الرجعة ، اعتبارا بعدم الإصابة .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن تدعي الزوجة الإصابة ، وينكرها الزوج ، فقد وجبت عليها العدة بإقرارها على الأقاويل كلها ، إلا على أحد وجهي قوله في القديم .

                                                                                                                                            فأما استكمال المهر :

                                                                                                                                            فعلى قوله في القديم : قد استكملته بلا يمين .

                                                                                                                                            وعلى قوله في " الإملاء " : لا تستكمله إلا بيمين ؛ لأنه يجعل الخلوة يدا .

                                                                                                                                            وعلى قوله في الجديد : القول قول الزوج مع يمينه ، وليس لها من المهر إلا نصفه ، فإن أقامت الزوجة البينة على إقرار الزوج بالإصابة سمعت البينة بشاهد وامرأتين ، وشاهد ويمين ؛ لأنها بينة لإثبات مال .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : أن يدعي الزوج الإصابة وتنكرها الزوجة ، فهذه الدعوى منه إنما هي لوجوب العدة واستحقاق الرجعة .

                                                                                                                                            فعلى قوله في القديم : القول قول الزوج بلا يمين .

                                                                                                                                            وعلى قوله في " الإملاء " : القول قوله مع يمينه ، ويحكم بوجوب العدة عليها ، وباستحقاق الرجعة له .

                                                                                                                                            وعلى قوله في الجديد : القول قول الزوجة مع يمينها ، ولا عدة عليها ، ولا رجعة له .

                                                                                                                                            فأما المهر : فقد استكملته ، على قوله في القديم .

                                                                                                                                            فأما في الجديد والإملاء : فليس لها إلا نصفه ، لكن إن كان المهر في يدها ، فليس للزوج استرجاع نصفه ؛ لأنه لا يدعيه ، وإن كان في يد الزوج فليس لها أن تطالبه إلا بنصفه ؛ لأنها تنكر استحقاق جميعه .

                                                                                                                                            فلو أقام الزوج البينة على إقرارها بالإصابة لتثبت له الرجعة والعدة ، سمعت بشاهدين عدلين ، ولم تسمع بشاهد وامرأتين ؛ لأنها على غير مال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية