الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " فإن لم يكن حكم مضى لم يزوجهم إلا بولي وشهود مسلمين ، [ ص: 309 ] فلو لم يكن لها قريب زوجها الحاكم لأن تزويجه حكم عليها ، فإذا تحاكموا إلينا بعد النكاح ، فإن كان مما يجوز ابتداؤه في الإسلام أجزناه : لأن عقده قد مضى في الشرك " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد مضى ما قررناه من وجوب الحكم بين أهل الذمة أو جوازه ، فإذا ترافع زوجان في عقد نكاح فهو كترافعهما في غيره من عقود البيع والإجارات ، وإنما خص الشافعي ترافعهما في عقد النكاح : لأنه في كتاب النكاح ، ولأن فروعه أكثر ، فإذا ترافعا فيه فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يترافعا في استدامة عقد قد مضى ، فليس للحاكم أن يكشف عن حال العقد ، ولا يعتبر فيه شروط الإسلام ، وينظر : فإن كانت الزوجة ممن تجوز له عند التحاكم أن يستأنف العقد عليها ، جاز أن يقرهما على ما تقدم من عقدها ، سواء كان بولي أو شهود أم لا ، إذا رأوا ما عقدوه نكاحا في دينهم ، وإن كانت ممن لا يجوز أن يستأنف العقد عليها عند الترافع إلينا : لكونها في ذوات المحارم والمحرمات ، أو بقية عدة من زوج آخر حكم بإبطال النكاح ، ويكون حالها عند الترافع إلى الحاكم كحالهما لو أسلما ، فما جاز إقرارها عليه من النكاح بعد إسلامها ، جاز إقرارهما عليه عند ترافعهما إلى حاكمنا ، وما لم يجز الإقرار عليه بعد الإسلام ، لم يجز الإقرار عليه عند الترافع إلى الحاكم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية