الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر أن اليهود والنصارى أهل كتاب يحل نكاح حرائرهم فهم ضربان : بنو إسرائيل ، وغير بني إسرائيل .

                                                                                                                                            فأما بنو إسرائيل : وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ، فجميع بنيه الذين دخلوا في دين موسى حين دعاهم ، دخل منهم في دين عيسى من دخل منهم ، فقد كانوا على دين حق دخلوا فيه قبل تبديله ، فيجوز إقرارهم بالجزية ، وأكل ذبائحهم ونكاح حرائرهم .

                                                                                                                                            وأما غير بني إسرائيل ممن دخل في اليهودية من النصرانية من العرب والعجم والترك ، فهم ثلاثة أصناف :

                                                                                                                                            صنف دخلوا فيه قبل التبديل كالروم حين دخلوا النصرانية ، فهؤلاء كبني إسرائيل في إقرارهم بالجزية وأكل ذبائحهم ونكاح حرائرهم : لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر الروم كتابا ، [ ص: 223 ] قال فيه : قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله [ آل عمران : 64 ] الآية ، فجعلهم أهل الكتاب : ولأن الحرمة للدين والكتاب لا للنسب : فلذلك ما استوى حكم بني إسرائيل وغيرهم فيه .

                                                                                                                                            والصنف الثاني : أن يكونوا قد دخلوا فيه بعد التبديل ، فهؤلاء لم يكونوا على حق ، ولا تمسكوا بكتاب صحيح ، فصاروا إن لم يكن لهم حرمة كعبدة الأوثان في أن لا تقبل لهم جزية ، ولا يؤكل لهم ذبيحة ، ولا تنكح منهم امرأة .

                                                                                                                                            والصنف الثالث : أن يشك فيهم هل دخلوا فيه قبل التبديل أو بعده كنصارى العرب ، كوج وفهر وتغلب ، فهؤلاء شك فيهم عمر فشاور فيهم الصحابة ، فاتفقوا على إقرارهم بالجزية حقنا لدمائهم : وأن لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم لأن الدماء محقونة ، فلا تباح بالشك والفروج محظورة فلا تستباح بالشك . فهذا حكم أهل الكتاب من اليهود والنصارى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية